أزمة السيولة النقدية.. طوابير وأزمات اقتصادية تلاحق المواطنين في سوريا
أزمة السيولة النقدية.. طوابير وأزمات اقتصادية تلاحق المواطنين في سوريا
في مشهد يتكرر يومياً في شوارع العاصمة السورية دمشق، يقف المواطنون في طوابير طويلة أمام المصارف الحكومية في محاولة لسحب جزء بسيط من رواتبهم.
ومن بينهم أبو فارس، الموظف المتقاعد الذي يعاني من الوقوف ساعات تحت أشعة الشمس الحارقة، دون أن يتمكن من استلام راتبه، كما هي حال العديد من المواطنين السوريين الذين يعانون من نقص السيولة في البنوك، وفق وكالة "فرانس برس".
قال أبو فارس "أنا هنا منذ نحو أربع ساعات، ولم أتمكن من استلام راتبي بعد".. هذه المشاهد أصبحت جزءاً من الحياة اليومية للمواطنين في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.
مشكلة السيولة تتفاقم
في فبراير الماضي، فرض المصرف المركزي السوري قيودًا على سحب الأموال من المصارف والصرافات الآلية، وهو ما زاد من معاناة المواطنين.
ويُسمح للمواطنين بسحب 200 ألف ليرة فقط يوميًا، في حين لا تتوفر سيولة كافية في العديد من البنوك والصرافات الآلية.
وتؤكد موظفة في مصرف خاص أن هناك نقصًا في السيولة، ويجب على المصرف العمل ضمن ميزانية محددة ولا يمكن تجاوزها.
وأضافت "نغلق الصرافات بعد انتهاء الدوام الرسمي لأننا لا نملك أموالاً كافية لتوزيعها".
تأثير الأزمة على العائلات
تشير الإحصائيات إلى أن 90% من السكان في سوريا يعيشون تحت خط الفقر، ومع نقص السيولة، يضطر المواطنون إلى الوقوف في طوابير طويلة أمام البنوك للحصول على أموالهم، الأمر الذي يسبب لهم مشقة كبيرة.
وتوضح عفراء جمعة، الموظفة الحكومية، أنها تضطر لاستخدام الأموال التي تستطيع سحبها لدفع أجرة الطريق فقط، قائلة "الأوضاع صعبة ونحن بحاجة لقبض رواتبنا بأسرع وقت ممكن، ولا نستطيع الانتظار أيامًا طويلة لسحب مبالغ زهيدة".
وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن الحرب الطويلة في سوريا قد أضعفت الاقتصاد بشكل كبير، وزادت من معاناة المواطنين.
ويعزو الخبير الاقتصادي جورج خزام نقص الكتلة النقدية المتداولة إلى تعمد بعض الصرافين "تجفيف السيولة بالليرة السورية" لتحقيق أرباح سريعة عن طريق التلاعب بسعر الصرف في السوق السوداء.
ويمثل هذا التلاعب أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على قدرة المواطنين على تأمين احتياجاتهم اليومية.
آثار سلبية على الأوضاع المعيشية
أثرت الأزمة النقدية بشكل كبير على الأوضاع المعيشية للمواطنين السوريين، الذين باتوا يعتمدون على البنوك لسحب رواتبهم المدفوعة بالليرة السورية، بينما تتدهور قيمة هذه العملة بشكل مستمر.
وقبل اندلاع النزاع عام 2011، كان الدولار يعادل 50 ليرة سورية، ولكن بعد سنوات من الحرب، فقدت العملة السورية أكثر من 90% من قيمتها، وحاليًا يتراوح سعر الصرف الرسمي بين 10,000 ليرة و15,000 ليرة مقابل الدولار.
الأزمة الاقتصادية الحالية في سوريا ليست مجرد أزمة نقدية، بل هي انعكاس لحالة من الفوضى الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون نتيجة للحروب والعقوبات الاقتصادية المستمرة.
ويُرجّح أن تستمر الأزمة في المستقبل المنظور، حيث يتعرض المواطنون للعديد من التحديات التي تجعل حياتهم أكثر صعوبة.