«واشنطن بوست»: جدل في المدارس الأمريكية بسبب مواد تعليمية حول مجتمع الميم
«واشنطن بوست»: جدل في المدارس الأمريكية بسبب مواد تعليمية حول مجتمع الميم
يعود الجدل حول حقوق الوالدين والحرية الدينية إلى المحكمة العليا هذا الأسبوع في قضية تختبر ما إذا كان للعائلات حق سحب أطفالها من دروس المدارس العامة التي تتضمن كتبًا تتناول موضوعات مجتمع الميم، وتتعارض مع معتقداتهم الدينية.
ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست"، تتطرق الدعوى القضائية المتعلقة بقصص الأطفال، إلى نوع جهود التنوع والشمول التي استهدفتها إدارة ترامب في الجامعات، وفي الشركات الحكومية والخاصة، وهي واحدة من ثلاث قضايا رئيسية متعلقة بالحقوق الدينية على جدول أعمال المحكمة العليا هذا الفصل.
ومن المقرر أن تنظر المحكمة الأسبوع المقبل في إمكانية تمويل الولايات للمدارس الدينية بشكل مباشر، في قضية تحظى بمتابعة دقيقة تتعلق بمدرسة كاثوليكية مستقلة مقترحة في أوكلاهوما.
ومن المقرر أيضًا أن يقرر القضاة ما إذا كان يجب على ولاية ويسكونسن تمديد الإعفاء الضريبي ليشمل فرع الخدمات الاجتماعية للكنيسة الكاثوليكية، وهو قرار قد يكون له تداعيات على أصحاب العمل الكبار الآخرين ذوي الانتماءات الدينية مثل المستشفيات.
تصاعد الجدل في ماريلاند
وسّعت أكبر منظومة تعليمية في ولاية ماريلاند، خلال عام 2022، مناهجها الدراسية لتشمل كتبًا قصصية تتضمن شخصيات من مجتمع الميم، مثل كتاب "زفاف العم بوبي" و"حبي يا فيوليت"، وذلك بهدف عكس التنوع الأسري في المنطقة.
رفض ائتلاف من أولياء الأمور من خلفيات دينية متعددة -من بينهم مسلمون وكاثوليك وأرثوذكس أوكرانيون- أن يُعرّض أطفالهم الصغار لمضامين تتعلق بالتوجه الجنسي، ورفعوا دعوى قضائية ضد مدارس مقاطعة مونتغمري بعد أن رُفض طلبهم بالسماح بسحب أطفالهم من تلك الدروس.
وتراجع مجلس إدارة المدارس عن سياسة كانت تتيح للآباء سحب أطفالهم، معللًا ذلك بصعوبة تطبيق الإعفاءات على نطاق واسع، واصفًا المطلب بأنه غير عملي ومثير للانقسام.
وشهدت الاجتماعات الرسمية للمجلس احتجاجات حادة من أولياء الأمور الذين أكدوا أن فرض هذه الدروس على أبنائهم يُعد انتهاكًا صارخًا لحقهم في تربية أبنائهم وفق معتقداتهم الدينية.
عدم ملاءمة بعض المحتوى
وعبّر بعض المعلمين عن خشيتهم من عدم ملاءمة بعض المحتوى للأطفال في المراحل الابتدائية، وأقروا بأنهم لم يتلقوا تدريبًا كافيًا لإدارة نقاشات حول هذه الموضوعات داخل الصفوف.
قال أستاذ القانون في جامعة كورنيل، نيلسون تيبي، إن القرارات المتوقعة في هذه القضايا قد تُعيد تشكيل القانون الأمريكي المرتبط بالحرية الدينية، بما يشمل تقليص الفصل التاريخي بين الكنيسة والدولة.
وقدّمت ثلاث عائلات متضررة، إلى جانب منظمة "الأطفال أولاً"، دعوى قانونية ضد مدارس مونتغمري، وقالت بيلي موجيس، وهي إحدى الأمهات، إنها أخرجت بناتها من النظام التعليمي الحكومي وأسست مدرسة مسيحية صغيرة، مؤكدة أن النظام لم يوفر حماية لعائلتها أو مساحة لاحترام معتقداتها الدينية.
وذكرت موجيس أن هدفهم لم يكن حذف الكتب أو تغيير المناهج، بل ببساطة إتاحة خيار الانسحاب من دروس محددة، وقالت: "يجب أن يكون للآباء الحق في تحديد توقيت ومضمون هذه المواضيع في حياة أطفالهم".
نظام يدافع عن المحتوى
رد محامو النظام المدرسي بأن الكتب المُدرجة لا تحتوي على مواد تعليمية جنسية، بل تهدف إلى تمثيل فئات مجتمعية ضمن السياق القصصي، حذروا من فتح باب الإعفاءات الدينية على نطاق واسع، مما قد يؤدي إلى استثناءات تعليمية تطال مواضيع تتعلق بالعرق، أو الأديان الأخرى، أو حتى الشخصيات التاريخية ذات الهويات المتنوعة.
واعتبر مؤيدو المنهج الجديد أن معارضة أولياء الأمور ترتقي إلى شكل من أشكال الرقابة، تسعى لإقصاء فئات مجتمعية من الحضور في البيئة المدرسية العامة.
ودعمت أحكام سابقة للمحكمة العليا توجهات لتعزيز الحريات الدينية، مثل قضية المدرب الرياضي الذي صلى في منتصف الملعب، وقضية الخباز الذي رفض تقديم كعكة زفاف لزوجين من نفس الجنس.
ولكن أبدى بعض القضاة تحفظهم على أن تتدخل المحكمة في تفاصيل السياسات المدرسية المحلية، وكان القاضي المحافظ الراحل أنطونين سكاليا قد حذّر من منح إعفاءات دينية واسعة، معتبرًا أن ذلك سيخلق نظامًا قانونيًا ذاتيًا، يعارض مبدأ المساواة في الالتزام بالقوانين.
جدل حول معنى "العبء الديني"
أيدت المحكمة الجزئية الأمريكية موقف النظام المدرسي، واعتبرت أن مجرد التعرّض لمعلومات تتعارض مع معتقدات الآباء لا يُشكّل عبئًا دينيًا غير دستوري، وأكدت أن السياسة لا تُجبر الآباء على تغيير معتقداتهم أو التصرف بما يتناقض معها.
ودعمت محكمة الاستئناف هذا الرأي بأغلبية، مشيرة إلى أن الاستماع لوجهات نظر مختلفة لا يُمثل بالضرورة ضغطًا دينيًا على الطفل أو والديه، بينما عارض قاضٍ محافظ هذا التوجه، مشيرًا إلى أن إلزام الأطفال بالحضور يُرغم الأهل على الاختيار بين الإيمان والتعليم العام.
واعتبرت أستاذة القانون في جامعة جنوب كاليفورنيا، نومي ستولزنبرغ، تدخل المحكمة في المراحل المبكرة من القضية "نذير شؤم"، يعكس استعدادًا للحكم قبل اكتمال المسار القضائي، وتوقعت أن تتبنى الأغلبية المحافظة في المحكمة موقفًا جديدًا يعتبر التعرض لمضامين مرفوضة دينيًا "عبئًا فعليًا"، بما يُمهّد لإلزام المدارس بتوفير خيارات رفض واسعة النطاق.
وذكرت مذكرة من خبراء قانونيين بارزين أن فرض تعليم مواضيع ذات حساسية دينية دون إشعار الأهل أو منحهم حق الرفض، يُثقل كاهل حقوقهم الدستورية ويُقوّض ثقتهم في نظام التعليم العام.