العنف يهدد المكاسب.. الأمم المتحدة تدعو لتسريع تنفيذ اتفاق السلام في كولومبيا
العنف يهدد المكاسب.. الأمم المتحدة تدعو لتسريع تنفيذ اتفاق السلام في كولومبيا
حثّ الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة التحقق في كولومبيا، كارلوس رويز ماسيو، على تسريع تنفيذ اتفاق السلام، في وقت يشهد تصاعدًا في العنف بعدد من المناطق، من بينها كاتاتومبو.
وفي عرضه لأحدث تقرير للأمين العام أمام مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، شدد رويز ماسيو على أن كولومبيا، رغم التحديات، "بلد مختلف اليوم" مقارنة بالسنوات التي سبقت توقيع اتفاق السلام في عام 2016 بين الحكومة الكولومبية وحركة "فارك" المسلحة.
وأسفر هذا الاتفاق عن إنهاء أكبر تمرد في البلاد ومهّد الطريق لإصلاحات شاملة، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن "إلقاء السلاح من قبل مقاتلي فارك كان لحظة تاريخية"، موضحًا أن أكثر من 12 ألفًا من المقاتلين السابقين يشاركون اليوم في جهود إعادة الإدماج، رغم استمرار العديد من العقبات.
صعوبات في إعادة الإدماج
وأبرز رويز ماسيو، أن المقاتلين السابقين يواجهون صعوبات في الحصول على أراضٍ وسكن ودعم أساسي، مؤكدًا أن التغلب على هذه التحديات يجب أن يكون أولوية في المرحلة المقبلة من تنفيذ الاتفاق.
وقال المبعوث الأممي إن الأوضاع الأمنية لا تزال تبعث على القلق، معلنًا مقتل أربعة مقاتلين سابقين آخرين منذ آخر تقرير، ليصل العدد إلى 23 منذ بداية العام، وأدان رويز ماسيو هذه الاغتيالات، داعيًا إلى تعزيز إجراءات الحماية للمقاتلين السابقين.
وأشار ماسيو، إلى أن الاقتصادات غير المشروعة، مثل تجارة المخدرات، لا تزال مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالصراع، مؤكداً أن معالجتها أمرٌ أساسي لترسيخ السلام.
وأشاد بإحياء برنامج استبدال المحاصيل، لكنه عبّر عن أسفه لإخفاق الحكومات السابقة في تقديم دعم تنموي للمجتمعات التي استجابت لهذه المبادرات.
إنصاف الضحايا
وأثنى رويز ماسيو على الجهود التي تبذلها الهيئة القضائية الخاصة بالسلام، مشيرًا إلى أن "الضحايا والمجتمع الكولومبي ينتظرون صدور أولى الأحكام"، ومعربًا عن ثقته في دعم الحكومة الكولومبية لهذه المرحلة المفصلية في مسار العدالة والمصالحة.
وفي ختام كلمته، أكد المبعوث الأممي أن "بناء السلام في كولومبيا ليس مسارًا خطيًا، بل عملية طويلة ومعقدة"، داعيًا إلى إعطاء الأولوية لعمليات الحوار مع الجهات الفاعلة التي تُظهر إرادة حقيقية للسلام.
وشدد على أن الالتزام بالقانون الدولي الإنساني "واجبٌ على الجميع"، مشيرًا إلى أن "من يريد السلام لا يجند الأطفال ولا يقتل القادة أو يبتز المجتمعات".
دعم دولي مستمر
عانت كولومبيا لأكثر من خمسة عقود من صراع مسلح داخلي دموي، شاركت فيه القوات الحكومية وحركات التمرد، أبرزها القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك)، إلى جانب جماعات شبه عسكرية وعصابات الجريمة المنظمة، وأسفر هذا النزاع عن مقتل مئات الآلاف من المدنيين، وتهجير الملايين، وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
في عام 2016، وقعت الحكومة الكولومبية اتفاق سلام تاريخيًا مع "فارك"، أفضى إلى نزع سلاح الحركة وتحولها إلى حزب سياسي، ورغم أن الاتفاق مثّل خطوة كبيرة نحو إنهاء العنف، فإن البلاد ما زالت تواجه تحديات أمنية واقتصادية، منها نشاط جماعات مسلحة أخرى وازدهار الاقتصادات غير المشروعة مثل تجارة الكوكايين، ما يعوق تنفيذ الاتفاق بالكامل ويهدد استدامة السلام.
تواصل الأمم المتحدة مراقبة العملية من خلال بعثتها للتحقق، فيما يحث المجتمع الدولي الحكومة الكولومبية على الوفاء بالتزاماتها تجاه المقاتلين السابقين والضحايا والمجتمعات الريفية التي عانت ويلات الحرب.