متطوعون يجمعون أطنان النفايات في مبادرة رمزية لحماية صحراء المغرب

متطوعون يجمعون أطنان النفايات في مبادرة رمزية لحماية صحراء المغرب
متطوعون يجمعون النفايات في المغرب

انطلق عشرات المتطوعين بين الأحراش على أطراف بلدة محاميد الغزلان في أقصى جنوب المغرب، ليلتقطوا بقايا نفايات بلاستيكية متناثرة وسط الرمال، في مبادرة رمزية تنادي بحماية البيئة الصحراوية من التلوث الذي بات يزحف حتى على أكثر المناطق عزلة.

احتضنت الدورة العشرون من المهرجان الدولي للرحل منتصف أبريل الجاري هذه الحملة، حيث انخرط نحو خمسين مشاركًا في تنظيف محيط البلدة من مخلفات بشرية تنوعت بين قنينات وأكياس بلاستيكية وأدوات متحللة، وسط أجواء مرحة لم تفسدها الأمطار الخفيفة بحسب وكالة فرانس برس.

جمع أطنان من النفايات 

أسفرت الحملة، التي امتدت لنحو خمس ساعات، عن جمع ما بين 400 إلى 600 كيلوغرام من النفايات، حسب تقديرات المنظمين، في خطوة تؤكد أن الصحراء ليست بمنأى عن التلوث الناتج عن النشاط الإنساني، رغم بعدها الظاهر عن مراكز التمدن.

وقال نور الدين بوغراب، مؤسس المهرجان وابن المنطقة، إن "مثل هذه المبادرات تركز غالبًا على الشواطئ أو الغابات، في حين تعاني الصحراء أيضًا من التلوث"، مشيرًا إلى أن حملة محاميد الغزلان تشكل "نداء لحماية صحارى العالم".

انطلقت الحملة من المدخل الشمالي للبلدة، حيث تكدّست النفايات بشكل ملحوظ، قبل أن تمتد إلى أقصى جنوب البلدة، حيث تتلاشى معالم العمران وتبدأ الصحراء الكبرى في الانبساط.

الإنتاج المكثف للمواد البلاستيكية

أوضح الخبير في الدراسات الصحراوية مصطفى ناعمي أن مصادر التلوث في هذه البيئة الجافة متعددة، من أبرزها "الإنتاج المكثف للمواد البلاستيكية، ومحدودية إعادة التدوير، إلى جانب النفايات التي تحملها الرياح من مناطق بعيدة".

ذكّر ناعمي بأن النفايات تلوث مناطق الترحال الرعوي التقليدية، التي كانت لعقود طويلة رئة الحياة للرحل، ومع اشتداد آثار التغيرات المناخية، بدأ هذا النمط الحياتي يتراجع بشدة، حتى بلغ عدد الرحل في المغرب نحو 25 ألفًا فقط سنة 2014، بتراجع بلغ 63% مقارنة بعام 2004.

بحسب وزارة الانتقال الطاقي، ينتج المغرب نحو 8.2 مليون طن من النفايات المنزلية سنويًا، أي ما يكفي لملء 2780 مسبحًا أولمبيًا، فيما يُعاد تدوير 6 إلى 7 بالمئة فقط من هذه النفايات، وفقًا لما أشار إليه الخبير في التنمية المستدامة حسن شواوطة.

صون البيئة.. مسؤولية جماعية

أكّد المصور الفرنسي رونالد لوفلوك، الذي شارك في الحملة قادمًا من نيويورك للمشاركة في المهرجان، على أهمية الوعي البيئي، قائلاً: "وجدنا هذا الصباح قطعًا بلاستيكية متحللة منتشرة في كل مكان، ما يعكس خطورة الإهمال البيئي على المدى الطويل".

حذّر الفنان المالي عثمان آغ عمر، عضو فرقة "إمرغان تمبكتو"، من انعكاسات التلوث على الثروة الحيوانية التي تشكل مصدر رزق رئيسيًا لسكان الواحات، مشيرًا إلى أن "النفايات تهدد الماشية التي ترعى في هذه المناطق".

دعم محدود للفئات الهشة

لفت أستاذ علم الاجتماع القروي محمد مهدي إلى أن مربي المواشي من الرُّحل لم يستفيدوا بالشكل الكافي من برامج الدعم المخصصة لمواجهة الجفاف، مقارنة مع المزارعين الذين ينتجون محاصيل موجهة للتصدير.

أعرب محمد أوجعة، رئيس فرقة "حمام الصحراء" لموسيقى غناوة، عن أمله في أن تكون حملة محاميد الغزلان بداية لموجة جديدة من المبادرات البيئية، قائلاً: "نريد بيئة نظيفة في هذه المناطق الصحراوية، ليس فقط لنا، بل للأجيال المقبلة".

تُعدّ محاميد الغزلان، الواقعة في أقصى الجنوب الشرقي للمغرب، واحدة من أبرز بوابات الصحراء الكبرى، وتشكّل منذ عقود ملتقى ثقافيًا وموسيقيًا عبر مهرجان الرحل السنوي الذي يحتفي بالتقاليد البدوية والفنون العالمية، لكنه بات أيضًا منبرًا متزايد التأثير لقضايا البيئة والتنمية المستدامة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية