الأمم المتحدة: الانتقال السياسي في سوريا في منعطف حرج يتطلب الدعم الدولي

الأمم المتحدة: الانتقال السياسي في سوريا في منعطف حرج يتطلب الدعم الدولي
بيدرسون يلقي كلمته في مجلس الأمن

 

أكد غير بيدرسون، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أن الانتقال السياسي في البلاد يمر بمرحلة حرجة تتطلب دعماً عاجلاً من المجتمع الدولي، وأوضح خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، الجمعة، أن الوضع لا يزال "هشاً للغاية" رغم التقدم المحرز منذ سقوط النظام السابق قبل أقل من خمسة أشهر، مشدداً على أن المشاركة السورية الجديدة في الجلسة تعكس تطورات مهمة.

وأشار بيدرسون إلى أن نجاح الانتقال السياسي في سوريا مرهون بإحداث تغيير جذري في البعدين السياسي والاقتصادي، محذراً من عواقب وخيمة في حال الفشل. كما عبّر عن تقديره لالتزام الوزير السوري المؤقت، أسعد الشيباني، بالمشاركة الدولية البناءة وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

مخاوف حول الشمول وتمثيل المرأة 

لفت بيدرسون إلى أن الإطار السياسي الحالي لا يزال يفتقر إلى الشمول الكامل، مع تركز السلطة واستمرار الغموض حول مسارات العدالة وسيادة القانون والانتخابات، كما أبدى قلقه من ضعف تمثيل المرأة في الحكومة، إذ لا تضم سوى وزيرة واحدة من أصل 22.

وأشار إلى استمرار معاناة بعض مكونات الشعب السوري جراء أعمال العنف الأخيرة في الساحل، مطالباً بمزيد من الإجراءات لبناء الثقة، ومؤكداً أنه ناقش هذه التحديات مع الرئيس المؤقت أحمد الشرع في دمشق.

 الانتهاكات الإسرائيلية 

وجّه المبعوث الأممي تحذيراً من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية لسيادة سوريا، داعياً إلى وقف الهجمات، واحترام اتفاق فض الاشتباك لعام 1974. كما حث مجلس الأمن على إلزام إسرائيل باحترام وحدة واستقلال الأراضي السورية.

العقوبات تعرقل البناء والسلام

شهد المقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك لحظة رمزية برفع العلم السوري ذي النجمات الثلاث، لأول مرة بين أعلام الدول الأعضاء، بحضور الوزير السوري المؤقت أسعد الشيباني، واعتبر الوزير أن العلم يمثل "إعلان وجود جديد نابع من رحم المعاناة، ووعد بالتغيير بعد سنوات من الألم".

وأوضح أن بلاده بدأت "تلتقط أنفاسها" بعد عقود من القمع، مشيراً إلى إنجازات الأشهر الماضية من تشكيل حكومة انتقالية وتوحيد الفصائل العسكرية وانطلاق حوار وطني موسع بمشاركة ألف سوري

أوضح الشيباني أن العقوبات المفروضة على سوريا تهدد استقرار البلاد، مشيراً إلى أنها تخلق بيئة مزدهرة للشبكات غير المشروعة وتمنع تدفق الاستثمارات والخبرات. ودعا إلى رفعها كخطوة حاسمة نحو تحقيق شراكة دولية فاعلة في السلام والتنمية.

وكشف عن نية الحكومة الانتقالية إعلان هيئة للعدالة الانتقالية وأخرى للمفقودين، إلى جانب خطوات جدية نحو تشكيل برلمان وطني يمثل الشعب السوري بكامل أطيافه.

معاناة إنسانية مستمرة 

قالت جويس مسويا، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن سوريا ما تزال تعيش إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، مع وجود نحو 7 ملايين نازح ومعاناة ثلاثة أرباع السكان من الفقر، وأكثر من نصفهم من انعدام الأمن الغذائي.

ورغم التحسن الأمني في مناطق من حلب وشمال شرق البلاد بعد اتفاقات محلية، أشارت إلى استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية في الجنوب، وتبعاتها على المدنيين والبنية التحتية.

تمويل ضعيف وتهديد لبرامج المساعدات

أطلقت مسويا تحذيرات شديدة بشأن نقص التمويل، مؤكدة أن الأمم المتحدة لم تتلق سوى 186 مليون دولار من أصل احتياجات النصف الأول لعام 2025، أي أقل من 10%، ونبّهت إلى أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ستخفض طاقمها بنسبة 30% وتغلق 122 مركزاً مجتمعياً إذا لم يتوفر التمويل.

كما حذرت من أن برنامج الأغذية العالمي بحاجة إلى 100 مليون دولار لتفادي انقطاع المساعدات الغذائية في أغسطس، في وقت تواجه فيه المنظمات الإنسانية تحديات متزايدة خاصة في شمال شرقي سوريا.

المرحلة الانتقالية في سوريا 

اندلعت الأزمة السورية عام 2011 على وقع احتجاجات شعبية مطالبة بالإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية، سرعان ما تحولت إلى نزاع مسلح دموي أودى بحياة مئات الآلاف وشرّد الملايين داخليًا وخارجيًا، طول أكثر من عقد، عانت سوريا من تدخلات إقليمية ودولية متشابكة، وانقسامات عميقة على المستويات السياسية والمجتمعية والعسكرية، ما أدى إلى انهيار مؤسسات الدولة وتفاقم الأوضاع الإنسانية.

رغم الجهود الأممية المستمرة لإيجاد حل سياسي، بما في ذلك إطلاق مسار جنيف وإقرار قرار مجلس الأمن رقم 2254، ظلت العملية الانتقالية معطلة بفعل الانقسامات والصراعات الداخلية والدولية، غير أن الأشهر الأخيرة شهدت تغيرات ملحوظة مع سقوط النظام السابق، وبروز سلطات انتقالية تسعى لفتح صفحة جديدة قائمة على الشمول السياسي وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وسط تحديات جسيمة أبرزها هشاشة الوضع الأمني، وضخامة التحديات الاقتصادية، وتبعات العقوبات، إضافة إلى الحاجة الملحّة لتحقيق مصالحة وطنية شاملة.

تُعد هذه المرحلة الانتقالية مفصلية لمستقبل سوريا، إذ يتوقف نجاحها على توافر إرادة سياسية جامعة، ودعم دولي فعّال، واستجابة حقيقية لمطالب الشعب السوري بالحرية والعدالة والكرامة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية