«واشنطن بوست»: 70% من الأمريكيين يتوقعون ركوداً اقتصادياً بسبب سياسات ترامب
مع اقتراب مرور 100 يوم على ولايته
تصاعدت المخاوف الاقتصادية بين الأمريكيين بشكل حاد مع اقتراب مرور 100 يوم على تولي دونالد ترامب الرئاسة، وذلك وفقاً لاستطلاع مشترك أجرته صحيفة "واشنطن بوست"، وشبكة "إيه بي سي نيوز"، وشركة "إبسوس".
عبر أكثر من 70% من الأمريكيين عن توقعهم بحدوث ركود اقتصادي وشيك نتيجة السياسات الاقتصادية التي انتهجتها إدارة ترامب، وقد جاء هذا التوقع المتشائم مصحوبًا بارتفاع نسبة المعارضة للرئيس، حيث أشار الاستطلاع إلى أن غالبية الأمريكيين يرون سياسات ترامب فاقمت الوضع الاقتصادي بدلاً من تحسينه.
وانطلق ترامب منذ اليوم الأول لرئاسته في سلسلة من التحركات السريعة لإعادة تشكيل أجهزة الحكومة الأمريكية، حيث اتخذ خطوات لتقليص دور السلطة التنفيذية، وإعادة تشكيل السياسة التجارية العالمية، وتصعيد ملاحقة الهجرة غير النظامية، وإحداث تغييرات جذرية في السياسات التعليمية والبحثية، وقد انعكست هذه السياسات سلبًا على الأسواق المالية، وأثارت موجة من الدعاوى القضائية ضد قراراته، وسط اضطرابات اجتماعية واقتصادية واسعة.
انخفاض التأييد الشعبي
كشف الاستطلاع أن نسبة التأييد لترامب هبطت إلى 39% فقط بين البالغين الأمريكيين، فيما أعرب 55% عن معارضتهم له، بينهم 44% أعربوا عن معارضة "شديدة"، يأتي هذا التراجع مقارنةً بفبراير الماضي، حيث بلغت نسبة التأييد 45% مقابل معارضة بلغت 53%.
أما بين الناخبين المسجلين، فقد شهدت نسبة التأييد انخفاضًا من 48% إلى 42%، في حين ارتفعت نسبة المعارضين من 51% إلى 55%، ما يعكس ازدياد القلق العام بشأن الأداء الرئاسي والاقتصادي معًا.
وسجل ترامب مستويات تأييد أقل من أي رئيس أمريكي حديث مع اقتراب مرور 100 يوم على ولايته، في مقارنة مباشرة، حصل الرئيس جو بايدن خلال نفس الفترة من ولايته على تأييد 52% من الأمريكيين، مقابل 42% فقط لترامب، ما يعكس ضعف القاعدة الشعبية للرئيس الحالي مقارنة بسابقيه في المنصب.
خسائر داخل قاعدته الانتخابية
أظهرت البيانات تراجع التأييد لترامب داخل أهم قواعده الانتخابية التقليدية، حيث انخفض التأييد بمقدار 10 نقاط بين البيض غير الحاصلين على شهادات جامعية، و13 نقطة بين الشباب تحت سن الثلاثين، و11 نقطة بين من لم يشاركوا في الانتخابات الأخيرة.
ورغم هذا التراجع، لا يزال يتمتع بدعم قوي من القاعدة الجمهورية المتشددة، خصوصًا من أولئك الذين يعدون القضاة الفيدراليين يتجاوزون صلاحياتهم الدستورية.
وأبدى غالبية الأمريكيين اعتقادهم أن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب ستؤدي إلى فقدان الوظائف بدلاً من خلق فرص عمل جديدة، على عكس ما كانت تروج له الإدارة، كما عد عدد كبير هذه السياسات ستؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع، ما يثقل كاهل المستهلكين، ويزيد من احتمالات الدخول في حالة ركود اقتصادي خلال فترة قصيرة.
المعارضة لم تحقق مكاسب
رغم الانخفاض الكبير في شعبية ترامب، لم يتمكن الديمقراطيون من ترجمة هذا التراجع إلى مكاسب واضحة، حيث أعرب 30% فقط من الأمريكيين عن ثقتهم بالديمقراطيين في التعامل مع مشاكل البلاد، مقارنة بـ37% أعربوا عن ثقتهم بترامب، في حين قال 30% إنهم لا يثقون بأي من الطرفين، ما يعكس حالة إحباط عام تجاه القيادة السياسية في البلاد.
وأظهرت النتائج استمرار الاستقطاب الحاد في المشهد السياسي الأمريكي، فقد عبّر أكثر من 90% من الديمقراطيين عن معارضتهم المطلقة لترامب، مقابل دعم من 80% من الجمهوريين، مع ذلك، فإن نسبة الجمهوريين الذين أبدوا عدم رضا عن الرئيس ارتفعت إلى 15%، وهي نسبة مقلقة مقارنةً ببدايات ولايته.
وشهد ترامب تراجعًا كبيرًا في صفوف المستقلين، وهي الكتلة التي عادةً ما تميل إلى حسم نتائج الانتخابات، وفقًا للاستطلاع، لم تتجاوز نسبة التأييد له بين المستقلين 33%، مقابل 58% أعلنوا معارضتهم.
كما تراجع الدعم له بين المستقلين المائلين إلى الجمهوريين من 76% إلى 63%، ما يعكس تآكلًا حقيقيًا في القاعدة الانتخابية خارج الإطار الحزبي الصلب.
الاقتصاد والهجرة والعلاقات الدولية
أعرب أكثر من 60% من المستطلعين عن استيائهم من طريقة إدارة ترامب لملفات الاقتصاد، والعلاقات الخارجية، والرسوم الجمركية، إلى جانب قراراته المتعلقة بالهجرة، كما رفضت الأغلبية أسلوب إدارته للحكومة الفيدرالية، وسياساته المتعلقة بتقديم الرعاية للفئات الضعيفة من المواطنين.
وعد معظم الأمريكيين ترامب يحاول توسيع سلطات الرئاسة بشكل مبالغ فيه، مع تقليص دور الجهاز الإداري الفيدرالي وإغلاق بعض الوكالات الحكومية المهمة.
وعبر 51% عن رفضهم لخططه المتعلقة بتقليص جهود التنوع الوظيفي، في حين عارض 48% سياساته المتعلقة بترحيل المهاجرين غير النظاميين بشكل مكثف.
معارضة لتقليص الإنفاق
رفض أكثر من 75% من المشاركين في الاستطلاع خفض التمويل المخصص للأبحاث الطبية، كما عارض 70% محاولة ترامب التدخل في إدارة الجامعات الخاصة، وأعرب ثلثا المواطنين عن معارضتهم محاولاته إنهاء حق المواطنة بالولادة، كما أبدى 60% معارضة لإغلاق وزارة التعليم وتقليص القيود البيئية على الشركات.
وأظهرت نتائج الاستطلاع انقسامًا حادًا بين الأمريكيين فيما يتعلق بسياسات الهجرة الصارمة التي اعتمدتها إدارة ترامب، حيث رفض 60% من المشاركين ترحيل الطلاب الدوليين الذين ينتقدون السياسات الأمريكية، فيما انقسم الرأي العام بشأن تسليم المهاجرين المشتبه بانتمائهم لعصابات إلى سجون أجنبية دون محاكمة، حيث عارضها 51% وأيدها 47%.
واندلعت مواجهة قانونية بين إدارة ترامب وجامعة هارفارد على خلفية محاولات الحكومة فرض قيود جديدة على الجامعة، وأبدى نحو ثلثي الأمريكيين دعمهم الكامل للجامعة، معدين ذلك دفاعًا ضروريًا عن الحريات الأكاديمية والدستورية.
تفاقم تراجع التأييد
رغم أن ترامب ركز حملته الانتخابية على وعود بتحقيق نمو اقتصادي قوي، فإن الأرقام أظهرت عكس ذلك، سجل تقييم الأداء الاقتصادي للرئيس تراجعًا حادًا، حيث أشار 61% من الأمريكيين إلى أنهم يعدون الوضع الاقتصادي الحالي سلبيًا، مقابل 39% فقط عبروا عن تقييم إيجابي، في تدهور واضح مقارنة بفبراير الماضي.
وكشف الاستطلاع أن أكثر من 70% من الأمريكيين يعتقدون أن الاقتصاد "ليس جيدًا" أو "ضعيفاً"، مع إشارة 53% إلى أن الوضع ازداد سوءًا منذ تولي ترامب المنصب، في حين قال 40% إن أوضاعهم المالية الشخصية قد ساءت، أشار فقط 10% إلى تحسن طفيف.
ومع تزايد الشكوك حول فاعلية السياسات الاقتصادية الراهنة، عبر أكثر من 70% من الأمريكيين عن قلقهم من حدوث ركود اقتصادي خلال المدى القصير، بما في ذلك 51% من الجمهوريين أنفسهم، وفي المقابل، لم تتجاوز نسبة المتفائلين بحدوث نمو اقتصادي قوي في المستقبل 30% فقط، ما يبرز أزمة ثقة حقيقية في قدرة الإدارة الحالية على تجنيب البلاد أزمة اقتصادية جديدة.