نائب معارض يتهم حكومة جنوب السودان بالإعداد لإبادة جماعية ضد قبيلة النوير
نائب معارض يتهم حكومة جنوب السودان بالإعداد لإبادة جماعية ضد قبيلة النوير
اتهم نائب جنوب سوداني، الأحد، حكومة الرئيس سلفا كير بالإعداد لـ"إبادة جماعية" تستهدف قبيلة النوير، التي ينتمي إليها خصمه السياسي ونائبه الأول رياك مشار، وذلك من خلال تصنيف أراضيها بأنها عدائية.
اشتباكات تعيد شبح الحرب الأهلية
شهدت الأشهر الأخيرة تصاعدًا في الاشتباكات بين قوات كير وتلك الموالية لمشار، الذي وُضع قيد الإقامة الجبرية منذ مارس الماضي، ما أثار مخاوف جدية من تجدد الحرب الأهلية في جنوب السودان التي أنهتها اتفاقية سلام موقعة عام 2018 وفق فرانس برس.
اتهم حلفاء كير قوات مشار بتقويض الاتفاق عبر إشعال العنف في مقاطعة ناصر بولاية أعالي النيل، بالتعاون مع "الجيش الأبيض"، وهو فصيل مسلح يضم شبابًا من قبيلة النوير.
أعلنت الحكومة أن إثنية النوير تنتشر في 16 مقاطعة، اعتُبرت تسعٌ منها "عدائية"، ومن بينها مقاطعة ناصر، ما أثار استياء وغضب قيادات النوير.
وصف ريث موتش تانغ، النائب والمسؤول البارز في حزب مشار، هذا التصنيف بأنه "متهور وخبيث"، وعدّ -عبر منشور على فيسبوك- التصنيف "خطة شريرة تمهد لإبادة جماعية ضد مجتمع النوير"، مضيفًا أنها "محاولة مدروسة لتبرير العقاب الجماعي والتحريض على العنف ضد جماعة بأكملها تحت غطاء أمني زائف".
استشهد أويت نثانيال بييرينو، القائم بأعمال رئيس حزب مشار، بتقرير للاتحاد الإفريقي صدر عام 2014، أوضح أن ذكور النوير تعرضوا للاستهداف والقتل الفوري أو الجمع ثم الإعدام الجماعي عند نقاط التفتيش وخلال مداهمات المنازل.
إدانة للتطهير العرقي
دان بييرينو بشدة سياسات الحكومة في جنوب السودان التي وصفها بأنها تقوم على التنميط العرقي والاستهداف والتطهير العرقي، محذرًا من تداعيات استمرار هذه الممارسات على وحدة البلاد.
أدت الاشتباكات العنيفة في مقاطعة ناصر إلى انهيار اتفاق تقاسم السلطة الهش بين كير ومشار، وهو الاتفاق الذي وضع حدًا لحرب أهلية دامت سنوات وأودت بحياة نحو 400 ألف شخص.
ضحايا ونزوح جماعي بسبب العنف
شهد أوائل مارس اجتياح نحو ستة آلاف مقاتل من "الجيش الأبيض" لثكنة عسكرية في ناصر، ما أسفر عن مقتل جنرال رفيع، فيما ذكرت الحكومة أن الهجوم خلف 400 قتيل من صفوف القوات المسلحة.
وفق تقارير الأمم المتحدة، أسفرت الاشتباكات المتواصلة منذ مارس عن مقتل نحو 200 شخص ونزوح ما يُقدر بـ125 ألف شخص، ما فاقم الأوضاع الإنسانية المتدهورة في البلاد.
ينتمي الرئيس كير إلى إثنية الدينكا، وهي إلى جانب النوير أكبر مجموعتين عرقيتين في جنوب السودان، ما يضاعف خطورة الانقسامات العرقية التي تعصف بالبلاد.
البلاد تصارع أزمات متلاحقة
تزامنت الأزمة السياسية مع تفشي وباء الكوليرا الذي أودى بحياة مئات الأشخاص وأصاب عشرات الآلاف، وفق ما أفادت به الأمم المتحدة، ما عمق معاناة هذا البلد الفقير رغم ثرواته النفطية.
ناقشت حكومة جنوب السودان، السبت، خطة عمل لإحياء اتفاق السلام، مشيرة إلى نيتها تحديد الفصائل المعارضة "الشرعية"، في خطوة قد تمهد لإقصاء رياك مشار من المشهد السياسي، وفق وسائل إعلام محلية.
تحذير من مقاومة التغييرات السياسية
حذر بييرينو، حليف مشار، من أن أي محاولة لتغيير هيكلية الحكومة الانتقالية أو استبدال المعيّنين فيها "ستُقابل بالرفض والمقاومة بكافة الوسائل المتاحة".
منذ استقلالها عن السودان عام 2011، غرق جنوب السودان في سلسلة من النزاعات العرقية والسياسية الدامية، أبرزها الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2013 بين أنصار سلفا كير ورياك مشار، وعلى الرغم من توقيع اتفاق سلام هش في 2018، لا تزال البلاد تعاني غياب الأمن والاستقرار، في ظل أزمات متفاقمة تشمل الفقر المدقع، وتفشي الأوبئة، وتزايد النزوح الداخلي، ما يجعل مستقبلها السياسي والاجتماعي محفوفًا بالأخطار.