«شعب يستحق الحياة لا الجوع».. نداء أممي لنجدة جنوب السودان من كارثة إنسانية

«شعب يستحق الحياة لا الجوع».. نداء أممي لنجدة جنوب السودان من كارثة إنسانية
فتاة تبحث عن مياه نظيفة للشرب

حذّرت ممثلة برنامج الأغذية العالمي والمديرة القُطرية في جنوب السودان، ماري-إلين ماكغروارتي، من أن أكثر من 7.7 مليون شخص –أي ما يزيد على نصف سكان البلاد- يواجهون مستويات كارثية من الجوع، في أزمة وصفتها بأنها "من بين الأسوأ منذ استقلال جنوب السودان".

وخلال إحاطة صحفية بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، الأربعاء، أطلقت المسؤولة الأممية تحذيرات قوية بشأن حجم المأساة التي تعصف بالبلاد، مشيرة إلى أن تزايد العنف والانقسامات السياسية يغذيان الوضع الإنساني المتدهور في جنوب السودان، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

موسم الجوع يشتد وسط القتال

أشارت ماكغروارتي إلى أن تجدد القتال في منطقة أعالي النيل الكبرى خلال الأسابيع الأخيرة أجبر آلاف العائلات على الفرار من منازلهم، في وقت يدخل فيه جنوب السودان ما يُعرف بـ"موسم العجاف"، وهي الفترة التي يبلغ فيها الجوع ذروته.

وبيّنت أن 40% من السكان الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي يعيشون في تلك المنطقة المتأثرة بالصراع، حيث يعجز أكثر من 60% من سكانها عن توفير وجبة واحدة يوميًا لعائلاتهم.

تعليق المساعدات.. والناس بلا طعام

أكدت ماكغروارتي أن استمرار القتال أجبر قرابة 100,000 شخص على النزوح من بيوتهم، ما أدى إلى تعليق المساعدات الغذائية التي كانت تشكّل خط الدفاع الأخير ضد الجوع الكارثي خلال هذه المرحلة الحرجة.

وقالت إن البرنامج لم يعد قادرًا على الوصول إلى أكثر من 213,000 شخص في ست مقاطعات، بسبب القتال المستمر وغياب الطرق والممرات الآمنة، مشيرة إلى أن تلك المجتمعات تعيش في عزلة تامة داخل مناطق نائية يصعب الوصول إليها حتى في الظروف العادية.

أعربت ماكغروارتي عن أسفها العميق لتعرض أكثر من 100 طن من المواد الغذائية للنهب، بما في ذلك الإمدادات المخصصة للأطفال الذين يعاني أكثر من 17% منهم من سوء التغذية الحاد.

وأضافت أن هذه المواد لا يمكن تعويضها بسهولة، في وقت وصلت فيه مخزونات البرنامج في البلاد إلى مستويات حرجة، مما يزيد من هشاشة الوضع الإنساني.

الكوليرا تهدد حياة الآلاف

إلى جانب المجاعة، حذّرت المسؤولة الأممية من تفشي وباء الكوليرا، الذي يتفاقم في ظل تدهور البنية التحتية الصحية واستمرار النزوح وانعدام المياه النظيفة، وأشارت إلى أن هذا التهديد الصحي يضيف عبئًا آخر على العائلات المنكوبة التي تواجه الموت جوعًا ومرضًا في آن واحد.

كما سلّطت ماكغروارتي الضوء على أثر الحرب الدائرة في السودان، مشيرة إلى أنها تدفع موجات من النازحين إلى عبور الحدود نحو جنوب السودان، وقالت إن البلاد استقبلت أكثر من 1.1 مليون شخص منذ بدء النزاع، بينهم لاجئون وعائدون وصلوا بلا ممتلكات أو غذاء.

وتسببت الحرب في السودان في تعطيل سلاسل الإمداد، ما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية داخل الولايات المتاخمة، ما فاقم معاناة السكان المحليين.

نداء من أجل الكرامة والعدالة

اختتمت ماكغروارتي حديثها برسالة مؤثرة، قالت فيها: "جنوب السودان ليس في وضع يسمح له بتحمل حرب أخرى، تصاعد الصراع مدمر بالنسبة للعائلات والمجتمعات التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.. شعب جنوب السودان يستحق التحرر من الجوع ومن ويلات الصراع، ويستحق اهتمام العالم ودعمه".

استقل جنوب السودان عن السودان في عام 2011، لكنه لم يعرف الاستقرار منذ ذلك الحين، حيث شهد سلسلة من النزاعات الداخلية والصراعات المسلحة التي أدت إلى أزمات غذائية وإنسانية متكررة، وتواجه البلاد اليوم واحدة من أسوأ أزماتها، إذ تلتقي عوامل العنف السياسي والنزوح، وتغيّر المناخ، وغياب البنية التحتية، لتهدد أرواح ملايين السكان الذين باتوا على شفا المجاعة، في ظل موارد أممية شحيحة ودعم دولي لا يرتقي لحجم الكارثة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية