خبيرة أممية: كل شخص في سوريا يعرف مفقوداً والوضع مروع
خبيرة أممية: كل شخص في سوريا يعرف مفقوداً والوضع مروع
وصفت رئيسة المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، الخبيرة الأممية كارلا كينتانا، حجم المعاناة التي تعيشها العائلات السورية التي فقدت أبناءها خلال السنوات الماضية، قائلة إن "كل شخص في سوريا يعرف أحداً مفقوداً"، في إشارة إلى تفشي الظاهرة بشكل مروع وغير مسبوق.
وأكدت كارلا كينتانا، بحسب تقرير صادر عن مركز إعلام الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، على أن انتظار الإجابات بعد سنوات من الغموض ترك جروحاً نفسية عميقة في نفوس العائلات، وحوّل الغياب إلى عذاب دائم.
وذكرت كينتانا، أن الثامن من ديسمبر 2024 شكّل نقطة تحول رئيسية، حيث انفتحت أمام السوريين نافذة أمل جديدة مع بدء عمل المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين داخل الأراضي السورية، بالتعاون مع المجتمع المدني والسلطات المؤقتة وعائلات الضحايا.
وشددت على أن هذا التطور منح المؤسسة فرصة نادرة للعمل المباشر في الميدان بعد عقود من الإقصاء والإنكار.
شراكات ميدانية
أكدت المسؤولة الأممية أن المؤسسة تمكنت منذ دخولها سوريا من بناء علاقات وثيقة مع أسر المفقودين، ومع منظمات المجتمع المدني السورية، ومع سلطات الأمر الواقع، مشيرة إلى أن التعاون الميداني يمثل أداة أساسية للاستجابة لمصير عشرات الآلاف من الأشخاص الذين اختفوا في ظروف غامضة، سواء في السنوات الأربع عشرة الماضية أو منذ خمسين عاماً.
عرضت كينتانا ملامح الخطة العملية التي تنفذها المؤسسة على الأرض، والتي تبدأ من الاستماع المباشر إلى شهادات العائلات، وتوثيق ظروف الاختفاء، والاستعانة بالخبرات الدولية في مجال البحث الجنائي، وتقنيات التعرف إلى الهويات، والمقابر الجماعية، موضحة أن التحدي الأكبر يتمثل في ندرة الأدلة وتعدد الجهات المتورطة في الانتهاكات.
وأُنشئت المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا بموجب قرار اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في يونيو 2023، استجابةً للنداءات المتكررة من منظمات حقوق الإنسان والضحايا، بهدف تحديد مصير المفقودين ودعم الناجين والناجيات وأسرهم.
وجاء إنشاء هذه الآلية في ظل فشل جميع الأطراف السورية في معالجة الملف الشائك الذي يُعد من أخطر تركات الحرب.
دعم متعدد الأبعاد
دعت كينتانا المجتمع الدولي إلى مواصلة تقديم الدعم للمؤسسة، ليس فقط على الصعيد المالي، بل من خلال الدعم التكنولوجي والعلمي والسياسي، وتوفير أدوات البحث الحديثة، وتبادل المعلومات التي قد تقود إلى تحديد أماكن وجود المفقودين داخل سوريا أو في المنافي والسجون السرية المنتشرة في المنطقة.
واعترفت المسؤولة الأممية بأن حجم المهمة ضخم، مشيرة إلى أن العدد الدقيق للمفقودين لا يزال مجهولاً، لكنه يُقدر بعشرات الآلاف، وقد يتجاوز هذا الرقم بكثير.
وشددت على أن المؤسسة تتعامل مع جميع الحالات دون تمييز على أساس الجنسية أو الدين أو الانتماء السياسي، مؤكدة أن الهدف الأول والأخير هو الحقيقة.
سنوات من الخوف والصمت
أشارت كينتانا إلى زيارتها الأولى إلى دمشق في فبراير الماضي، والتي التقت خلالها بعدد من أسر المفقودين الذين تحدثوا لأول مرة عن معاناتهم، بعد سنوات من الخوف والصمت.
وأكدت أن شهاداتهم تُعد ركيزة أساسية في تحديد وجهة التحقيقات المقبلة، وأن المؤسسة ستواصل جمع الإفادات وتوثيق الأدلة بكل شفافية.
وجددت كينتانا تأكيدها أن عمل المؤسسة لا يقتصر على البحث عن المفقودين، بل يمتد إلى دعم العائلات نفسياً ومعنوياً، وخلق مساحات للاستماع إلى أصواتهم، وإشراكهم في مسار العدالة.
وقالت: "أعرف أن الطريق طويل، لكن العائلات تستحق الحقيقة والكرامة، بعد كل هذه السنوات من الألم والانتظار".