"الناس يسرقون للبقاء".. "الغارديان": غزة تغرق في الفوضى بسبب الجوع واليأس
"الناس يسرقون للبقاء".. "الغارديان": غزة تغرق في الفوضى بسبب الجوع واليأس
شهدت غزة خلال الأسابيع الأخيرة، موجة من النهب والسرقة والعنف، وسط انهيار شبه تام في النظام العام، في وقت يكافح فيه السكان من أجل الحصول على الطعام. وبينما تفترس المجاعة يوميات المدنيين، استغلت العصابات الإجرامية حالة الفوضى لتوسيع نشاطها.
أكد عمال إغاثة وشهود عيان وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن رجالًا مسلحين هاجموا مستودعات تابعة للمنظمات الإنسانية، وسط تبادل إطلاق نار للسيطرة على مخزونات الغذاء.
وشهدت عدة مناطق في غزة عمليات نهب للإمدادات الأساسية مثل أجهزة الشحن الشمسية والبطاريات والهواتف وأواني الطبخ، في وقت أصبحت فيه وسائل الحياة نادرة أو معدومة.
انهيار مطابخ الإغاثة
أوضح عمال الإغاثة أن العائلات في غزة باتت تعيش على وجبة واحدة في اليوم، في حين تباع أكياس الدقيق الفاسد بأسعار تفوق المعتاد بثلاثين أو أربعين ضعفًا، كما توقف تشغيل المطابخ المجتمعية، التي كانت تقدّم مليون وجبة يوميًا، بسبب نقص المواد الغذائية، ونفدت مخزونات وكالات الإغاثة، وأُغلقت عشرات المخابز التي كانت تقدم الخبز المجاني.
قال مسؤول إنساني إن هذه الموجة من الجريمة تعكس يأس نحو مليوني إنسان يعيشون في ظروف لا تُحتمل، وأضاف: "عندما تُعلن المجاعة رسميًا، سيكون الأوان قد فات".
وأكد أن مدينة غزة تحديدًا كانت الأكثر تضررًا من هذه الموجة، رغم تسجيل حوادث مماثلة في مناطق أخرى من القطاع.
عصابات تستهدف المخابز
في حادثة موثّقة، اقتحمت مجموعة مسلحة مخابز بحثًا عن الطحين، قبل أن تستهدف مطعمًا خيريًا حين لم تجد شيئًا، وفي حادثة أخرى، تعرّض أحد المطابخ الشعبية للسرقة، بما في ذلك مخزونه الكامل وأدواته، كما احتُجز موظفو مركز توزيع تابع لمنظمة غير حكومية تحت تهديد السكاكين خلال عملية نهب.
اضطرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى إجلاء موظفيها من مكتبها الميداني في مدينة غزة بعد اقتحامه من آلاف السكان الذين استولوا على الأدوية.
ووصفت مسؤولة الطوارئ في الأونروا، لويز ووتريدج، ما حدث بأنه نتيجة مباشرة لـ"حرمان لا يُطاق وممتد".
مدنيون يروون مشاهد الرعب
روى أنس رأفت، وهو محامٍ شاب من مدينة غزة، تفاصيل نجاته مع عائلته بعد أن تعرض مستودع قرب منزلهم لهجوم مسلح، وقال: "استلقينا على الأرض لساعتين وسط إطلاق النار... نجونا بأعجوبة".
أما غدير رجب، فقد شاهدت مستودعًا يتعرض للهجوم، وقالت: "رأيت امرأة تصرخ في الشارع بعد أن أُصيب ابنها برصاصة في كتفه، وكانت تتوسل للمساعدة، لكن الجوع أعمى الجميع".
وأفادت تقارير ميدانية بتزايد العنف بين الجيران وتكرار حوادث السرقة، فضلًا عن تصاعد العنف الأسري، وقالت ماري الرضا، نازحة من بيت لاهيا تعيش مع أطفالها في خيمة بمدينة غزة: "لا ننام ليلًا. نتناوب على الحراسة، لأننا نخاف من اللصوص"، وأضافت: "اشتباكات كثيرة تحدث يوميًا، والرصاص يمر فوق رؤوسنا".
كانت حركة حماس قد نشرت الشرطة في شوارع غزة خلال وقف إطلاق النار الذي امتد من منتصف يناير حتى منتصف مارس، لكنّها سحبتهم لاحقًا بعد استهدافهم بغارات إسرائيلية، وذكرت وزارة الداخلية في غزة أنها أعدمت ستة مشتبهين بأعمال نهب، وعاقبت 13 آخرين بإطلاق النار على أرجلهم، كما فرضت حظر تجول في بعض شوارع مدينة غزة.
بلغت موجة النهب ذروتها أواخر 2023، إذ جُرِّدت قوافل مساعدات بشكل ممنهج خلال عبورها إلى غزة، وفي حادثة بارزة، نُهبت أكثر من 100 شاحنة، في حين اتهمت إسرائيل حماس بسرقة المساعدات، نفت الحركة هذه الاتهامات، مشيرة إلى أن وقف إطلاق النار القصير في يناير شهد انضباطًا في توزيع المساعدات.
خطة لتوزيع المساعدات
أعلنت إسرائيل نيتها تخفيف الحصار من خلال إنشاء مراكز توزيع جنوب غزة يديرها مقاولون محليون ويحرسها الجيش الإسرائيلي، ضمن خطة مرافقة لهجوم "مكثف" مرتقب، إلا أن منظمات الأمم المتحدة وهيئات إغاثية وصفت الخطة بأنها "غير عملية، وخطِرة، وقد تكون غير قانونية بموجب القانون الدولي".
وأسفرت الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة منذ أحداث السابع من أكتوبر لعام 2023 عن استشهاد أكثر من 52 ألف شخص وإصابة أكثر من 118 ألفًا، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقًا لبيانات وزارة الصحة في غزة، والتي تعدها الأمم المتحدة موثوقة بخلاف أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض وسط أزمة واحتياجات إنسانية هائلة.