غزة تموت جوعًا.. الخبز بـ10 دولارات والنجاة ترف لا يملكه الجميع
غزة تموت جوعًا.. الخبز بـ10 دولارات والنجاة ترف لا يملكه الجميع
في شوارع خاوية ومنازل هُدمت أو امتلأت بالعفن والجوع، يقاوم سكان غزة الموت جوعًا، فعلى وقع حصار إسرائيلي خانق مستمر منذ أكثر من شهرين، بلغ سعر كيس الطحين (50 كغ) نحو 400 دولار، فيما تُباع بعض أصناف الخضار بأرقام تُلامس الخيال، والبقاء على قيد الحياة بات أقرب إلى الترف.
“هذا الكيلو يساوي يوماً من الحياة”.. هكذا قال خالد عبدالرحمن، بينما يُقلب بقايا دقيق تملؤه الحشرات، مضيفًا: "نأكله رغم فساده... المهم أن ينام الأطفال دون بكاء" وفق وكالة أنباء الأناضول التركية.
في الوقت ذاته، تجاوز سعر لتر الوقود 27 دولارًا، ما أجبر السكان على التخلي عن المركبات، واستخدام دراجات هوائية أو عربات تجرها الدواب، ومع توقف حركة الشاحنات والإمدادات، باتت المقايضة بالمواد المنزلية، كالقهوة مقابل الطحين، مشهدًا شائعًا في الأسواق شبه الخالية.
أرقام تنذر بالمجاعة
وفقاً لشهود عيان جاءت أسعار السلع كالآتي: كيلو الطحين: 9.45 دولار، كيس الطحين (50 كغ): 400 دولار، لتر الوقود: 27 دولارًا، كيلو البطاطا أو البصل: 10.80 دولار، كيلو البندورة: 7.30 دولار، كيلو الباذنجان: 8.10 دولار
بحسب البنك الدولي، فإن غالبية سكان غزة -نحو 2.4 مليون شخص- باتوا يعتمدون كليًا على المساعدات، والتي توقفت فعليًا مع تشديد الحصار في مارس الماضي. واليوم، 90% من السكان نزحوا، كثيرون منهم لأكثر من مرة، يعيشون بين الركام أو في ملاجئ غير صالحة للسكن، وسط تفشٍ خطِر للأوبئة.
"نقترب من المجاعة"
يقول محمد جميل، أب لخمسة أطفال: "صارت وجبة اليوم ترفًا.. نقتات على خليط من الأرز والدقيق المتعفن".
ويضيف: "لم نتذوّق الخضار منذ أكثر من أسبوع، والمخزون لا يكفي لأيام".
وفي هذا السياق، أعلنت منظمة "المطبخ المركزي العالمي" (WCK)، التي كانت تقدم ملايين الوجبات في غزة، توقفها الكامل عن الطهو، بسبب نفاد الغذاء والوقود اللازمين، محذّرة من انهيار العمل الإنساني ما لم يُرفع الحصار فورًا.
وتصف اللجنة الدولية للصليب الأحمر ما يحدث بأنه "جحيم على الأرض"، حيث تتحول الحياة اليومية إلى "معركة بقاء" وفق تعبير متحدثها هشام مهنا.
الجوع كسلاح إبادة
في مشهد يعكس قسوة الحصار أكثر من أي وصف، يقايض رجل ربع كيلو قهوة احتفظ به في منزله، مقابل كيلو طحين يُطعم أسرته ليوم.
أما أحمد إبراهيم، الذي كان يتنقل بين بسطات السوق الخالية، فلم يجد ما يناسب ما تبقى في جيبه.
وبينما تتحلل أكياس الطحين في أكواخ النازحين، لا تزال إسرائيل تمنع دخول الغذاء، ليصبح الجوع سلاحًا آخر في حرب إبادة ممنهجة تُمارس على مرأى من العالم ومسمع.
حصار قاتل
منذ 7 أكتوبر 2023، تنفذ إسرائيل عملية إبادة جماعية خلفت، بحسب آخر التقديرات، أكثر من 172 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود.
ورغم التقارير الدولية والتحذيرات الأممية، تستمر تل أبيب في إغلاق المعابر ومنع دخول الغذاء والدواء، فيما تحاول الولايات المتحدة إطلاق مبادرة توزيع مساعدات "مباشرة"، لم توضح تفاصيلها، وسط شكوك فلسطينية بأنها تهدف ضمنيًا إلى تفريغ شمال غزة من سكانه، تحت غطاء "إنساني".
وفي حين أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى أن "غزة منطقة مجاعة"، تصرّ إسرائيل على تجاهل الأصوات الحقوقية، وسط صمت دولي مريب.