"نيويورك تايمز": ترامب يستخدم العفو الرئاسي لمكافأة أنصاره

"نيويورك تايمز": ترامب يستخدم العفو الرئاسي لمكافأة أنصاره
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - أرشيف

كثّف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استخدام سلطاته الرئاسية في العفو وتخفيف الأحكام، في ما اعتبره كثيرون محاولة لتقويض مصداقية وزارة العدل الأمريكية وتقديم نفسه كضحية لملاحقات سياسية، معيدًا بذلك تعريف وظيفة العفو الرئاسي بشكل غير مسبوق.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، الخميس، أن الرئيس السابق أصدر عفوًا كاملاً وغير مشروط عن عشرات من أنصاره، من بينهم ثلاثة رجال اعترفوا بارتكابهم جرائم جنائية، هم السيناتور الجمهوري السابق عن ولاية تينيسي، برايان كيلسي، الذي أقر بتحويل أموال غير قانونية لحملته الانتخابية، والمدير التنفيذي السابق لدور رعاية المسنين، بول والكزاك، الذي أدين بجرائم ضريبية، ودانيال رودريغيز، الذي اعتدى بمسدس صاعق على ضابط شرطة خلال اقتحام مبنى الكابيتول يوم 6 يناير 2021.

وعند تقديمهم طلبات العفو، زعم هؤلاء أن دوافع محاكمتهم كانت سياسية، مستندين إلى حجج مشابهة لتلك التي يكررها ترامب نفسه بشأن "تسييس وزارة العدل" في عهد الرئيس السابق، جوزيف بايدن.

ووفقا للصحيفة الأمريكية، تجاهل الرئيس ترامب إلى حد كبير الإجراءات التقليدية للعفو الرئاسي التي تنظمها وزارة العدل، والتي تشترط انتهاء العقوبة ووجود ندم واضح لدى المحكوم عليه، وبدلاً من ذلك، روّج ترامب لمعادلة جديدة ترتكز على الولاء السياسي، حيث سعى المتقدمون أو داعموهم لإظهار تأييدهم الشخصي له واتهام خصومه السياسيين بتسليح القضاء.

وأدى هذا النهج إلى ازدهار شبكة من جماعات الضغط والمحامين الذين يقدّمون أنفسهم كوسطاء لتسهيل الحصول على العفو عبر بوابة الولاء السياسي، لا القانوني.

العفو الانتقائي

استفاد كيلسي من هذه الديناميكية، إذ عفا عنه ترامب بعد أسبوعين فقط من دخوله السجن لقضاء عقوبة بالسجن لمدة 21 شهرًا، وفي مقال نشره بعد العفو، اتهم كيلسي إدارة بايدن بشنّ "حرب قانونية" على ترامب وأنصاره.

وأما والكزاك، فقد حصل على عفوه في أبريل بعد فترة قصيرة من مشاركة والدته في عشاء فاخر لجمع التبرعات مع ترامب في ناديه في مار-أ-لاغو بفلوريدا، حيث بلغت تكلفة العشاء مليون دولار للشخص الواحد.

وبالنسبة لرودريغيز، الذي اعتُبر أحد أبرز المتهمين في قضية اقتحام الكابيتول، فقد أبدى ندمًا علنيًا وأقر بالذنب، لكنه حصل على عفو مع مئات الآخرين المدانين في ذات الحادثة، في أول يوم لترامب من ولايته الثانية، حيث وصفهم بـ"الرهائن" و"السجناء السياسيين".

وأصدر ترامب في الأيام الماضية عفوًا عن نجمي تلفزيون الواقع المحافظين، تود وجولي كريسلي، اللذين أدينا عام 2022 بتهم احتيال مصرفي وتهرب ضريبي، ووصف ترامب الأحكام الصادرة ضدهما بأنها "قاسية للغاية" و"غير مبررة".

وقدّمت ابنتهما، سافانا كريسلي، طلب العفو في بودكاست، ووصفت والديها بأنهما من "أشد المؤيدين لترامب"، مشيرة إلى أن إدانتهما تجسد "تسليح العدالة ضد المحافظين".

وشارك في إعداد الطلب المحامي أليكس ليتل، الذي مثّل أيضًا كيلسي، وحرص على الربط بين القضية والمدعي العام فاني ويليس، الذي يقود أحد ملفات اتهام ترامب.

وأعلن ترامب أيضًا عن عفوٍ صدر يوم الاثنين عن العمدة السابق لمقاطعة فرجينيا، سكوت جينكينز، الذي حُكم عليه بالسجن عشر سنوات بتهمة الرشوة، ووصف ترامب هذا الحكم بأنه نتيجة لوزارة عدل "متشددة"، وأكد أن جينكينز لا يستحق "قضاء يوم واحد في السجن".

يُعدّ جينكينز من المؤيدين البارزين للرئيس ترامب على المستوى المحلي، مما عزز الاعتقاد بأن الولاء السياسي هو العامل الحاسم في قرارات العفو الجديدة.

قيادة ملفات العفو

عيّن ترامب مؤخرًا المحامي إد مارتن في منصب "محامي العفو" بوزارة العدل، وهو منصب عادة ما يُمنح لمسؤولين مهنيين من داخل الوزارة، ويُعدّ مارتن من أبرز داعمي سياسات ترامب، وقد دافع علنًا عن المشاركين في اقتحام الكابيتول.

وأدى تعيين مارتن إلى إقالة مسؤول محترف في الوزارة، رفض التوصية بإعادة حق حمل السلاح للممثل ميل جيبسون، أحد المؤيدين المعروفين لترامب، والذي استعاد لاحقًا هذا الحق بقرار إداري.

ويتولى مارتن أيضًا رئاسة "مجموعة عمل التسليح" داخل وزارة العدل، وهي الجهة المكلفة بمتابعة شكاوى ترامب بشأن استخدام وزارة العدل ضد أنصاره.

وأكد كبير مستشاري مارتن، نيل مكابي، أن الأخير سيتولى "كشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين" في ما يتعلق بتسييس القضاء، وأوضح أن "قيصر التسليح"، كما وصفه، سيكون قادرًا على "إصلاح الضرر" من خلال سلطته كـ"محامي عفو".

كتب مكابي على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أداء مارتن اليمين: "لن يُترك أحدٌ من أنصار حملة (لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا)"، واختتم بقوله: "الحرية للأسرى!"، في إشارة مباشرة إلى المدانين في قضية اقتحام الكابيتول.

وتعكس هذه السياسات اتجاهاً جديدًا في توظيف العفو الرئاسي، لا بوصفه أداةً لإصلاح المظالم القانونية فقط، بل كوسيلة لإعادة ترسيم حدود الولاء والانتماء في النظام السياسي الأمريكي.
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية