بدعوى "مكافحة معاداة السامية".. إدارة ترامب تفرض تدقيقاً على وسائل التواصل لزوار هارفارد
بدعوى "مكافحة معاداة السامية".. إدارة ترامب تفرض تدقيقاً على وسائل التواصل لزوار هارفارد
أصدرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توجيهاً رسمياً يقضي بإجراء تدقيق صارم على نشاط وسائل التواصل الاجتماعي لكل طالب أو أكاديمي يسعى للحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة للالتحاق بجامعة هارفارد، ويشير التوجيه إلى أنه "برنامج تجريبي" قد يُعمم لاحقًا على جامعات أمريكية أخرى وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وتطلب البرقية، الموقعة من وزير الخارجية ماركو روبيو بتاريخ الجمعة، من القنصليات والسفارات الأمريكية حول العالم إجراء فحص فوري ومعزز لحضور المتقدمين على الإنترنت، مع التركيز على الحسابات الخاصة أو الأنشطة المحدودة على أنها "علامات محتملة على التهرب"، ما قد يؤدي إلى رفض منح التأشيرات.
استهداف غير مسبوق لمؤسسة أكاديمية
ترى جهات حقوقية وأكاديمية أن استهداف جامعة هارفارد على هذا النحو يشكل سابقة خطِرة، إذ لم يسبق أن خُصّت مؤسسة تعليمية أمريكية بهذا النوع من الإجراءات الاستثنائية، ويأتي القرار في وقت تُتهم فيه هارفارد بعدم اتخاذ إجراءات كافية ضد ما تصفه الإدارة بـ"موجة معاداة السامية" داخل الحرم الجامعي.
ويستند الإجراء إلى أمر تنفيذي وقّعه الرئيس دونالد ترامب مطلع العام، يربط بين احتجاجات جامعية مؤيدة للفلسطينيين وهجمات حركة حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023، وكذلك الحرب المستمرة في غزة التي أودت بحياة أكثر من 50 ألف شخص.
تأثيرات في التعليم العالي الدولي
أقرت الإدارة بأن تدقيق وسائل التواصل قد يُبطئ معالجة طلبات التأشيرات، وسط تزايد القلق من تأثير ذلك في الجامعات الأمريكية التي تواجه بالفعل تراجعًا في أعداد الطلاب الدوليين، وتشير إحصاءات الهيئة الوطنية لشؤون الطلاب (NAFSA) إلى أن الطلاب الأجانب يسهمون بـ43.8 مليار دولار سنويًا في الاقتصاد الأمريكي ويدعمون أكثر من 378 ألف وظيفة.
صرح روبيو أخيرًا أمام مجلس الشيوخ بأن آلاف التأشيرات أُلغيت منذ مارس الماضي، مؤكدًا أن "الحضور الرقمي المشبوه" يعد معيارًا جديدًا لتقييم الأهلية.
انتقادات واسعة ومخاوف تتصاعد
ووصفت منظمات حقوقية ومؤسسات أكاديمية التوجيه بـ"الانتهاك الصارخ لحرية التعبير والخصوصية الرقمية"، وعدّت ربط النشاط السياسي أو التضامن مع القضية الفلسطينية بسلوك "مشبوه" يشكل تسييسًا مقلقًا لسياسات الهجرة والتأشيرات.
كما عبّر طلاب دوليون ومراقبون عن قلقهم من تداعيات القرار، خاصة في ظل استمرار تعليق بعض طلبات التأشيرات واستهداف المتضامنين مع حقوق الفلسطينيين.
تعكس هذه الإجراءات تصعيدًا في المواجهة بين إدارة الرئيس ترامب وجامعات النخبة، خاصة هارفارد، التي تُعد رمزًا للحرية الأكاديمية والانفتاح العالمي. ويمثل البرنامج التجريبي الجديد نقطة تحول في طريقة تعامل واشنطن مع الطلاب الأجانب، حيث يتحول فحص التأشيرات من مجرد أداة أمنية إلى أداة رقابية سياسية.
ويتزامن القرار مع اتساع نطاق التحقيقات في الجامعات الأمريكية بشأن مواقفها من الحرب في غزة، في ظل تصاعد الاحتجاجات الطلابية والتوترات داخل الحرم الجامعي، ما يعكس مناخًا سياسيًا مفعمًا بالاستقطاب يهدد بالتأثير طويل الأمد في مكانة التعليم العالي الأمريكي عالميًا.