قلّصت وجودها.. واشنطن تستعد لإغلاق قواعدها في سوريا باستثناء واحدة
قلّصت وجودها.. واشنطن تستعد لإغلاق قواعدها في سوريا باستثناء واحدة
قلّصت الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا بشكل كبير، وفق ما أكّده المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، الدبلوماسي الأمريكي توم باراك، الذي أشار إلى أن واشنطن تعتزم إغلاق جميع قواعدها العسكرية في البلاد، باستثناء قاعدة واحدة فقط، في تحول لافت في السياسة الأمريكية تجاه النزاع السوري الممتد منذ أكثر من عقد.
وكشف المبعوث الأمريكي باراك خلال مقابلة أجراها مساء الاثنين مع محطة "NTV" التركية، أن القوات الأمريكية بدأت بالفعل تقليص حضورها ضمن إطار عملية "العزم الصلب" لمحاربة تنظيم داعش، موضحًا: "انتقلنا من ثماني قواعد إلى خمس، ثم إلى ثلاث، وسنبقي على الأرجح على قاعدة واحدة فقط".
ولم يحدد باراك موقع القاعدة التي ستبقى.
وأبقت الولايات المتحدة على وجودها العسكري في سوريا منذ عام 2014، في إطار التحالف الدولي الذي تشكّل لاحتواء تنظيم الدولة الإسلامية، بعد أن سيطر على مساحات شاسعة من الأراضي السورية والعراقية.
ورغم إعلان هزيمة التنظيم جغرافيًا في البلدين، لا تزال خلاياه النائمة تشكّل تهديدًا أمنيًا، ما دفع واشنطن إلى الاحتفاظ بوجود محدود شرق سوريا، لا سيما في مناطق النفط ودير الزور والحسكة، بالتعاون مع "قوات سوريا الديمقراطية".
مرحلة سياسية جديدة
أقرّ باراك بأن سوريا لا تزال تواجه تحديات أمنية كبيرة، مشيرًا إلى أن البلاد تمرّ بمرحلة دقيقة عقب الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد قبل ستة أشهر.
وكان الأسد قد فقد الحكم بعد 14 عامًا من الحرب الأهلية التي أسفرت عن مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين. وقد تم تعيين أحمد الشرع رئيسًا انتقاليًا في إطار اتفاق دولي رعته الأمم المتحدة.
ورغم انتهاء الحرب النظامية، واجهت الحكومة الانتقالية مؤخرًا تصاعدًا في أعمال العنف الطائفي، لا سيما في مناطق متنازع عليها شمال وغرب البلاد، ما يهدد عملية الاستقرار السياسي التي تحظى بدعم غربي وإقليمي.
خفض إضافي مرتقب
أعلن البنتاغون في أبريل الماضي نيته خفض عدد الجنود الأمريكيين في سوريا إلى أقل من ألف جندي خلال الأشهر المقبلة، في سياق إعادة تقييم شاملة للتواجد العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، بعد انسحاب القوات من أفغانستان، وخفض الوجود في العراق.
ويبدو أن هذه الخطوة تمهد لإعادة ترتيب أولويات واشنطن في المنطقة، خاصة في ظل تصاعد التوتر مع قوى أخرى مثل إيران وروسيا، وانشغال الإدارة الأمريكية بملفات استراتيجية أخرى مثل أوكرانيا، والمحيطين الهادئ والهندي.
وتُثير هذه الخطوات الأمريكية مخاوف بين الشركاء المحليين للولايات المتحدة، وعلى رأسهم "قوات سوريا الديمقراطية" التي تعتمد على الدعم العسكري الأمريكي في التصدي لخلايا تنظيم داعش، ودرء التهديدات من الجماعات المتطرفة والفصائل المسلحة الموالية لإيران.
وفي المقابل، قد يشجع تقليص الحضور الأمريكي في سوريا خصوم واشنطن الإقليميين على توسيع نفوذهم، خاصة في مناطق الفراغ الأمني، ما قد يعيد البلاد إلى حالة عدم استقرار يصعب احتواؤها لاحقًا.
مستقبل غامض
لم يوضح المبعوث باراك موعد الانسحاب الكامل للقوات أو القاعدة التي ستبقى قيد العمل، لكنه شدد على أن المرحلة المقبلة "ستتطلب دعماً دولياً لتعزيز المؤسسات المدنية وحفظ الأمن في المناطق المحررة".
وفي ظل تعقيدات المشهد السوري وتحولات المواقف الدولية، لا يزال مستقبل الاستقرار في سوريا رهينة التطورات الميدانية والتوافقات السياسية التي لم تترسخ بعد بشكل فعلي، رغم انتهاء الحرب النظامية.