اليوم الدولي للتوعية بإساءة معاملة المسنين.. انتهاكات تفاقم معاناة مليار شخص بالعالم

يحتفل به 15 يونيو من كل عام

اليوم الدولي للتوعية بإساءة معاملة المسنين.. انتهاكات تفاقم معاناة مليار شخص بالعالم
اليوم الدولي للتوعية بإساءة معاملة المسنين

في ظل تسارع الشيخوخة العالمية، يحيي العالم اليوم الدولي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين، في وقت تتفاقم فيه الانتهاكات ضد كبار السن، فعلى الرغم من التقدم في إدراك خطورة هذه الظاهرة، لا تزال الفجوة واسعة بين الوعي المجتمعي والحماية الفعلية لكبار السن، خصوصاً في مرافق الرعاية طويلة الأمد التي باتت تمثل ملاذاً أخيراً لكثير من المسنين حول العالم.

ويُحتفل باليوم الدولي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين سنويًا في 15 يونيو من كل عام، وقد أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2011 بموجب القرار رقم 66/127، ليكون مناسبة عالمية لتسليط الضوء على الانتهاكات التي يتعرض لها كبار السن وضرورة حماية حقوقهم وكرامتهم في جميع أنحاء العالم.

تأتي فعالية هذا العام، التي تُنظّم من خلال لقاء افتراضي عالمي من الساعة 1:15 حتى 2:45 بعد الظهر بتوقيت نيويورك، تحت عنوان غير رسمي لكنه معبّر: "مواجهة إساءة معاملة كبار السن: مسؤولية مشتركة في عالم يشيخ سريعاً".

وتُسلّط هذه الفعالية الضوء على ممارسات ناجحة من دول عدة، إلى جانب استعراض الثغرات المؤسسية والمجتمعية، في مسعى لوضع اللبنات الأولى لمنظومة حماية فعالة وشاملة.

وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، سيكون شخص من كل ستة أشخاص في العالم قد تجاوز سن 65 بحلول عام 2050، وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن واحداً من كل ستة أشخاص فوق سن الستين تعرّض لشكل من أشكال الإساءة خلال العام الماضي، وهي انتهاكات لا تقتصر على الإيذاء الجسدي، بل تشمل الإهمال النفسي والاستغلال المالي، وتترك ندوباً عميقة قد تمتد لسنوات.

ويحذر الخبراء من أن هذه النسب مرشحة للارتفاع، خاصة في ظل نقص البيانات الدقيقة من عدد كبير من الدول، وضعف التأهيل المهني للعاملين في مؤسسات الرعاية.

وقد أظهرت دراسة مدعومة من منظمة الصحة العالمية أن ما يقارب ثلثي العاملين في المرافق المؤسسية أقرّوا بممارستهم شكلاً من أشكال الإساءة لكبار السن خلال العام الماضي، في مؤشر صادم إلى الحاجة الملحة لإصلاح منهجي شامل.

ظاهرة عالمية مسكوت عنها

رغم أن معظم كبار السن يعيشون داخل أسرهم، فإن الاعتماد المتزايد على الرعاية المؤسسية يثير تساؤلات جوهرية حول مدى احترام كرامة المسنين وحقوقهم في بيئة يغلب عليها الطابع الإداري والتجاري.

ويأتي هذا في وقت تحذّر فيه المنظمات الدولية من أن التحديات المرتبطة بالشيخوخة تزداد حدة في البلدان النامية، حيث النمو السكاني المتسارع يقابله غياب السياسات الرعائية الكافية.

وفي هذا السياق، يشكّل اليوم الدولي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين فرصة لتجديد النقاش حول حقوق كبار السن، والتأكيد على ضرورة فهم هذه الإساءة ضمن أطرها الثقافية والاجتماعية.

ففي بعض البيئات، تظهر الإساءة في صور غير تقليدية، مثل إجبار الأرامل على الزواج القسري أو اتهام النساء المسنات بالسحر، وهي ممارسات تتخفى وراء أعراف اجتماعية، لكنها تمثل انتهاكاً صارخاً للكرامة الإنسانية.

عقد الشيخوخة الصحية

تندرج هذه الجهود ضمن "عقد التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة 2020–2030"، الذي أطلقته الأمم المتحدة بهدف توحيد جهود الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتحسين حياة المسنين، وضمان بيئات داعمة لهم.

ويأتي هذا العقد استجابة لتحولات ديموغرافية غير مسبوقة، إذ يُتوقع أن يرتفع عدد المسنين من مليار نسمة في عام 2019 إلى 1.4 مليار بحلول 2030.

وخلال جائحة كوفيد-19، تَجلّت هشاشة كبار السن بوضوح، حيث سُجّلت 82% من الوفيات بين من تجاوزوا الستين عامًا، ما أعاد تسليط الضوء على ضعف النظم الصحية والاجتماعية في حماية هذه الفئة.

تشير الأمم المتحدة إلى أن النظرة النمطية للمسنين بوصفهم عاجزين تُسهم في تهميشهم، وتُعزز التمييز القائم على العمر في السياسات والخدمات، ومن أجل كسر هذه الصورة، أطلقت منظمة الصحة العالمية حملة عالمية لمناهضة التمييز على أساس السن، بهدف بناء عالم يحتضن جميع الفئات العمرية، ويمنح كل فرد قيمة ومكانة بصرف النظر عن عمره.

وتقول الأمم المتحدة إن إساءة معاملة كبار السن ليست مجرد انحرافات فردية، بل مؤشر على عطب أوسع في المنظومة الاجتماعية والحقوقية، لذلك، يشدد دعاة حقوق الإنسان على أن التصدي لهذه الظاهرة يجب أن يتم بمنظور متكامل، يُشرك كبار السن أنفسهم، إلى جانب واضعي السياسات ومقدّمي الرعاية، لبناء بيئة تصون كرامة الإنسان حين تذبل قواه، وتعيد للشيخوخة معناها الإنساني العميق، لا كمرحلة ضعف، بل كمحطة استحقاق للتقدير والرعاية.

وفي يوم التوعية العالمي هذا، تتجه الأنظار إلى ما هو أبعد من الشعارات، إلى ضرورة التزام دولي حقيقي بإجراءات وقائية، وتشريعات فعالة، وآليات مساءلة، لضمان ألا يتحول خريف العمر إلى فصل صامت من الانتهاكات المنسية.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية