ألمانيا تدعو الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم جمركية على السلع رخيصة الثمن

ألمانيا تدعو الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم جمركية على السلع رخيصة الثمن
ألمانيا والاتحاد الأوروبي

أعلن وزير المالية الألماني لارس كلينجبايل، مساء الخميس، عن نية برلين حثّ الاتحاد الأوروبي على فرض رسوم جمركية على السلع منخفضة التكلفة القادمة من خارج التكتل، في محاولة لوقف الإخلال بالمنافسة وحماية سوق العمل الأوروبية من تداعيات ممارسات تجارية غير عادلة.

وقال كلينجبايل، على هامش اجتماع وزراء المالية الأوروبيين في لوكسمبورغ: "من يستخدم اليورو مثلنا يحتاج إلى قواعد منافسة عادلة، علينا أن نضمن لمن يلتزم بالقوانين ويدفع أجوراً عادلة ألّا يكون هو الخاسر"، في إشارة إلى الضغوط المتزايدة التي تتعرض لها الشركات الأوروبية أمام المنتجات الأجنبية الأرخص ثمناً، لا سيما القادمة من الصين.

ويُتوقع أن يناقش وزراء المالية الأوروبيون، خلال اجتماعهم اليوم الجمعة، مقترحات لإصلاح نظام الاتحاد الجمركي، في مقدمتها إلغاء تدريجي للإعفاءات الجمركية على البضائع التي تقل قيمتها عن 150 يورو، والتي كانت تُعفى تلقائياً من الرسوم.

ظاهرة الإغراق التجاري

ويهدف الإصلاح إلى معالجة ظاهرة الإغراق التجاري التي تقول ألمانيا إنها تُحدث ضرراً بالغاً بالصناعة الأوروبية، وخصوصاً مع الزيادة الكبيرة في واردات السلع زهيدة الثمن من دول مثل الصين. 

وتدعو برلين إلى التصدي لمنتجات رديئة الصنع بأسعار منخفضة مصطنعة، تتسبب في تقويض المنافسة العادلة داخل السوق الأوروبية.

ومن بين النقاط التي أثيرت: فائض الطاقة الإنتاجية في آسيا، وأسعار الإغراق التي تعمد بعض الشركات إلى استخدامها لاختراق السوق الأوروبية، ما يجعل من الصعب على الشركات الأوروبية الالتزام بالمعايير البيئية والاجتماعية والاقتصادية دون التعرض لخسائر.

مسؤولية المنصات الإلكترونية 

وتنص مقترحات المفوضية الأوروبية أيضًا على تحميل منصات التجارة الإلكترونية الكبرى مثل "أمازون" و"إيتسي" مسؤولية تحصيل الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة عند بيع منتجات من خارج الاتحاد الأوروبي. 

وتهدف هذه الخطوة إلى وضع بائعي الإنترنت الدوليين على قدم المساواة مع نظرائهم المحليين.

كما تشمل المقترحات فرض "ضريبة جمركية ثابتة" تصل إلى 2 يورو على كل طرد صغير يُرسل إلى عملاء داخل الاتحاد الأوروبي من خارج حدوده، وهي خطوة قد تؤثر مباشرة على منصات بيع إلكتروني صينية صاعدة مثل "تيمو" و"شين" اللتين توسعتا بشكل ملحوظ في السوق الأوروبية خلال العامين الماضيين.

طفرة التجارة الإلكترونية

شهدت السنوات الأخيرة نمواً كبيراً في التجارة الإلكترونية العابرة للحدود، حيث باتت ملايين الطرود منخفضة القيمة تُشحن يوميًا من آسيا إلى أوروبا عبر قنوات سريعة ومنخفضة التكلفة، دون الخضوع للرسوم الجمركية أو المعايير الصارمة التي تُلزم بها المنتجات المحلية.

هذا الوضع دفع الشركات الأوروبية، خصوصاً الصغيرة والمتوسطة، إلى إطلاق صرخات تحذير من تفاقم المنافسة غير المتكافئة، بينما تشير بيانات الاتحاد إلى أن نحو 65% من الطرود المستوردة من خارج التكتل تقل قيمتها عن 150 يورو، ما يجعلها في الغالب خارج نطاق الضريبة الجمركية.

تأتي هذه المبادرات في سياق أوسع من التوترات الاقتصادية العالمية، حيث تتجه دول الاتحاد الأوروبي نحو تعزيز سيادتها الاقتصادية في مواجهة المنافسة الصينية والأميركية. 

وسبق للمفوضية أن فتحت تحقيقات بشأن الإعانات الصينية لشركات السيارات الكهربائية، كما ناقشت إجراءات مماثلة في قطاعات التكنولوجيا والطاقة.

ويقول محللون إن برلين التي تُعد أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، تسعى إلى حماية قاعدتها الصناعية المتقدمة من تآكل القدرة التنافسية، خصوصاً بعد الصدمات الاقتصادية التي تعرضت لها القارة جراء جائحة كوفيد-19، والغزو الروسي لأوكرانيا، وأزمات الطاقة.

حماية السوق والالتزامات الدولية

ورغم الزخم الذي تحمله هذه المقترحات، يحذر بعض الاقتصاديين من أن فرض رسوم جديدة قد يفتح الباب أمام خلافات تجارية مع دول شريكة، أو يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة بالنسبة للمستهلك الأوروبي، كما ستواجه هذه الإجراءات تدقيقاً لضمان امتثالها لقواعد منظمة التجارة العالمية.

وتحاول بروكسل السير على خيط دقيق بين حماية مصالحها الاقتصادية والامتثال لالتزاماتها التجارية الدولية، في وقت تتزايد فيه الأصوات داخل أوروبا بضرورة اتباع نهج أكثر حذراً في علاقاتها مع الصين وغيرها من القوى الاقتصادية الصاعدة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية