بطاقة موحدة للمساعدات.. خطوة ألمانية للإصلاح أم تضييق على اللاجئين؟
بطاقة موحدة للمساعدات.. خطوة ألمانية للإصلاح أم تضييق على اللاجئين؟
في ظل التحديات المتنامية التي تواجه ألمانيا في ملف اللجوء، يعود الجدل مجددًا إلى الساحة السياسية مع إعلان المستشار الاتحادي فريدريش ميرتس عن خطة طموحة تهدف إلى توحيد نظام صرف المساعدات للاجئين من خلال بطاقة إلكترونية مدفوعة مسبقًا، تُستخدم على مستوى البلاد.
تأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه البلاد نقاشًا واسعًا حول كيفية تنظيم عملية الاستقبال والإيواء وتوزيع المساعدات، مع تصاعد الضغط على السلطات المحلية في ظل تزايد أعداد طالبي اللجوء من مناطق النزاع والفقر حول العالم.
وأثار ميرتس، زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي، اهتمامًا كبيرًا بعد دعوته العلنية، خلال مؤتمر صحفي عُقد على قمة تسوغشبيتسه، إلى تعميم البطاقة الإلكترونية التي تُستخدم حاليًا في بعض الولايات مثل بافاريا، مؤكدًا أن الوقت قد حان لوضع حد للفوضى الإدارية والتفاوتات القائمة في تقديم الدعم المالي للاجئين.
وأوضح أن تطبيق البطاقة سيساهم في تحسين كفاءة النظام ومنع التحويلات المالية غير النظامية التي قد تُستخدم في دعم المهربين أو تُرسل إلى جهات غير معروفة خارج البلاد، واعتبر أن التجربة البافارية تمثل نموذجًا ناجحًا ينبغي أن يُعتمد على المستوى الاتحادي.
مساعدات نقدية للاجئين
وبحسب تقييمات محلية، يُمنح حاليًا جزء من مساعدات اللاجئين نقدًا في بعض الولايات، بينما تُمنح في ولايات أخرى رصيداً رقمياً ضمن بطاقة إلكترونية تُستخدم لشراء المواد الأساسية.
ويهدف هذا النظام إلى توجيه الإنفاق بشكل أكثر ضبطًا ومنع استخدام الأموال في أغراض قد تُخالف الغرض من الدعم الحكومي.
وأكد ميرتس أن هذا المشروع لن يكون مجرد إجراء إداري، بل سيُقر عبر تشريع اتحادي يلزم جميع الولايات بتطبيق البطاقة ذاتها وفق معايير موحدة.
ويشير محللون إلى أن الخطوة قد تعكس أيضًا رغبة سياسية في فرض رقابة أكبر على الإنفاق العام الموجه للاجئين، في سياق تصاعد النقاش حول ما يُعرف بـ"جاذبية نظام اللجوء الألماني" مقارنة بدول أوروبية أخرى.
توحيد سياسة اللجوء
وتلقى دعوة ميرتس دعمًا واضحًا من ماركوس زودر، رئيس وزراء ولاية بافاريا وزعيم الحزب المسيحي الاجتماعي، الذي شدد على أن توحيد سياسة اللجوء أصبح أمرًا لا يحتمل التأجيل، مشيرًا إلى أن التنسيق الاتحادي يضفي شفافية ويقلل من الضغوط على البلديات.
ويرى مؤيدو البطاقة الموحدة أنها ستسهم في تقليص البيروقراطية ومنع إساءة استخدام المساعدات، بينما يُحذّر منتقدوها من أن مثل هذه الخطوة قد تُقيّد من حرية اللاجئين وتُعرقل اندماجهم، من خلال التحكم في نمط حياتهم وتقييد خياراتهم الشرائية.
ويخشى البعض أن تتحول البطاقة إلى أداة للمراقبة أو التمييز، ما قد يُفاقم من التوترات الاجتماعية داخل المجتمعات المستضيفة.
الرقابة المشددة على الحدود
في سياق متصل، دافع ميرتس عن إجراءات الرقابة المشددة على الحدود، والتي اعتُمدت مؤخرًا بشكل مؤقت، معتبرًا أنها ضرورية للحد من تدفق اللاجئين.
وأشار إلى أن عدد طلبات اللجوء في البلاد شهد تراجعًا بنسبة تقارب 50% في شهري مايو ويونيو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، معتبرًا أن هذه الإشارات تدل على فاعلية الإجراءات الأمنية، رغم تأكيده أن الهدف النهائي يظل في إيجاد حل أوروبي شامل يضمن ضبط الحدود دون المساس بمبادئ منطقة شينغن وحرية الحركة داخل الاتحاد الأوروبي.
وتواجه ألمانيا تحديات كبيرة في ملف الهجرة، مع بلوغ أعداد طالبي اللجوء مستويات غير مسبوقة منذ أزمة 2015، ما يدفع السلطات إلى البحث عن أدوات أكثر فاعلية لتنظيم عمليات الاستقبال وتوزيع الموارد.
وتعد البطاقة الموحدة إحدى المبادرات التي تُجسّد هذا التوجه الجديد نحو سياسات أكثر انضباطًا وتحكمًا، في وقت تتزايد فيه الدعوات إلى مراجعة جذرية لسياسات الهجرة واللجوء في القارة الأوروبية ككل.