بريطانيا تستأنف البت في طلبات لجوء السوريين بعد تعليق دام 7 أشهر

بريطانيا تستأنف البت في طلبات لجوء السوريين بعد تعليق دام 7 أشهر
بريطانيا - أرشيف

استأنفت المملكة المتحدة النظر في طلبات اللجوء المقدمة من مواطنين سوريين، بعد أكثر من سبعة أشهر من التعليق الذي أعقب الإعلان عن سقوط النظام السابق أواخر العام الماضي، وذلك بحسب ما أعلنته وزيرة الدولة لشؤون أمن الحدود واللجوء: أنجيلا إيغل، في بيان رسمي نُشر على موقع البرلمان البريطاني.

وقالت إيغل، إن وزارة الداخلية قررت رفع التعليق بعدما توفرت لديها معلومات موثوقة وكافية لاتخاذ قرارات "دقيقة ومدعومة بالأدلة. مشيرة إلى أن كل طلب لجوء سيخضع لتقييم فردي يأخذ في الاعتبار ظروف مقدم الطلب، وخلفيته، والبيئة الأمنية في سوريا، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز"، الثلاثاء.

وكانت وزارة الداخلية البريطانية قد علّقت، في 11 ديسمبر الماضي، النظر في جميع طلبات الحماية المقدمة من سوريين، بما في ذلك الطلبات الخاصة بالأشخاص الذين تم إحضارهم إلى البلاد ضمن برامج إعادة التوطين، وكذلك طلبات تمديد الإقامة المقدمة من لاجئين حصلوا على حق الحماية المؤقتة، وقد أثّر هذا القرار في أكثر من 7000 شخص، بحسب منظمات حقوقية بريطانية.

قرار يثير القلق

أثار القرار الجديد ردود فعل متباينة بين اللاجئين السوريين ومنظمات المجتمع المدني، ففي حين رحب كثيرون باستئناف معالجة الطلبات، حذرت جهات حقوقية من خطورة إعادة من يُرفض طلبه إلى سوريا، التي لا تزال -بحسب تقارير حقوقية ودولية- "بلدًا غير آمن".

وقال إنفر سولومون، المدير التنفيذي لمجلس اللاجئين في المملكة المتحدة، في تصريح نقلته صحيفة الغارديان: "نرحب بقرار الحكومة بإنهاء التجميد على ملفات السوريين، لكننا نحذر من أن الوضع في سوريا ما زال محفوفًا بالأخطار، وترك تعليق القرارات لأشهر، فآلاف السوريين محاصرون في النسيان، غير قادرين على العمل أو استكمال حياتهم، خائفون على مستقبلهم".

وأضاف: "نطالب بضمان أن يتم تقييم كل طلب بناءً على حالته الفردية، بما يضمن حماية من يواجه خطرًا جسيمًا في حال الإعادة إلى سوريا".

وتشير التوجيهات الجديدة الصادرة عن وزارة الداخلية إلى أن الوضع الأمني الهش وانهيار القانون والنظام في سوريا لا يُعتبران وحدهما مسوغَين للحصول على صفة لاجئ، ما لم يكن هناك خطر حقيقي وشخصي من التعرض للاضطهاد أو الأذى الجسيم.

ووفقًا للتحديث الرسمي الصادر عن الحكومة، يتعيّن على طالب اللجوء إثبات وجود "خوف مبرر من الاضطهاد"، كما نصّت اتفاقية اللاجئين لعام 1951، واعتُبر أن العودة إلى مناطق سورية لا تعيش حاليًا نزاعًا مباشرًا لا تشكّل بحد ذاتها خطرًا تلقائيًا، بل يجب إثبات وجود تهديد فردي.

عودة طوعية أم قسرية؟

وكشفت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أن أكثر من 20 سوريًا عادوا طوعًا إلى بلادهم من بريطانيا منذ بداية العام الجاري؛ بعضهم عاد لأسباب عائلية أو صحية، في حين ينتظر الآلاف قرار السلطات بشأن ملفاتهم. 

وكانت صحيفة "ذا تايمز" قد نشرت تقريرًا أشارت فيه إلى أول حالة إعادة رسمية لسوريين من المملكة المتحدة منذ 13 عامًا.

وأفاد التقرير بأن الحكومة البريطانية بدأت بحث إمكانية نقل بعض السوريين إلى بلدان ثالثة أو إعادتهم إلى سوريا "في حال انتفاء الخطر الشخصي"، وهو ما عدّه حقوقيون تهديدًا واضحًا لاتفاقيات الحماية الدولية.

سوريون ينتظرون المصير

وتروي أسرة سورية -مؤلفة من أب وابنته- تفاصيل رحلتها من ريف دمشق إلى فرنسا ثم إلى بريطانيا عبر قوارب المانش. 

وقال الأب، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه الكامل، إن سقوط النظام "أراحهم نفسيًا" لكنه لا يعني أن سوريا أصبحت آمنة، مشيرًا إلى أن عائلته تعيش ظروفًا مأساوية في الداخل السوري "من دون كهرباء ولا ماء ولا خدمات".

وتقول ابنته البالغة من العمر 16 عامًا: "حلمت أن أدرس طب الأسنان وأجلب والدتي وإخوتي إلى بريطانيا. لا أفكر إلا بالوصول ولمّ شمل العائلة. المدارس في سوريا لا تقدم شيئًا، ومستقبلنا هناك ضائع".

دعوات للمحاسبة والحماية

وبينما تستعد السلطات البريطانية لمعالجة آلاف الملفات المعلقة، دعت منظمات حقوقية كبرى، من بينها منظمة العفو الدولية ومجلس اللاجئين، إلى مراقبة تنفيذ هذا القرار، والتحقق من أن أي إعادة قسرية إلى سوريا لا تتم دون تقييم دقيق للخطر الفردي.

وطالبت تلك المنظمات بوقف أي عمليات ترحيل إلى سوريا، معتبرة أن الوضع لا يزال مضطربًا، مشيرة إلى التقارير الأممية التي وثّقت استمرار أعمال التعذيب والاعتقال القسري والانتهاكات ضد المدنيين في معظم المناطق.

جدير بالذكر أن المملكة المتحدة ليست الدولة الأوروبية الوحيدة التي علقت النظر في ملفات اللاجئين السوريين بعد انهيار النظام، ففي ألمانيا -على سبيل المثال- لا تزال أكثر من 47 ألف حالة معلقة منذ ديسمبر الماضي، في حين اتخذت دول أخرى مثل النمسا والسويد واليونان خطوات مشابهة، وفقًا لوكالة اللجوء التابعة للاتحاد الأوروبي (EUAA).

ويُنتظر أن تسهم التطورات السياسية في سوريا، بما في ذلك زيارة وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي لدمشق مطلع هذا الشهر، في رسم ملامح سياسة الهجرة البريطانية تجاه السوريين خلال الأشهر المقبلة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية