اغتيالات سياسية تهزّ الولايات المتحدة.. الإنترنت يتحول إلى دليل قاتل في زمن الاستقطاب

اغتيالات سياسية تهزّ الولايات المتحدة.. الإنترنت يتحول إلى دليل قاتل في زمن الاستقطاب
نصب تذكاري لضحايا حادث مينسوتا

تزايدت في الآونة الأخيرة حوادث الاغتيال ذات الطابع السياسي داخل الولايات المتحدة، ما أثار قلقًا واسعًا بين وكالات إنفاذ القانون ودفع الكونغرس إلى فتح باب التدقيق في ظاهرة توصف بأنها إحدى نتائج تصاعد الاستقطاب السياسي وتحول بعض الخلافات الفكرية إلى أعمال عنف دامية.

وفق تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية السبت، يرى خبراء أن هذه الاغتيالات ليست مجرد حوادث فردية، بل جزء من مشهد أشمل تدعمه سهولة الوصول إلى أدوات القتل والمعلومات التقنية المتاحة على الإنترنت، إذ باتت الموارد التي كانت حكرًا على الشبكات المتطرفة في "الويب المظلم" متوفرة اليوم عبر تطبيقات شائعة مثل تيليغرام، متضمنة تعليمات حول تصنيع الأسلحة، تجنّب الرقابة، وتنفيذ الاغتيالات.

ويقول جوشوا فيشر بيرش، محلل شؤون الإرهاب: "الاستقطاب السياسي العميق، واقتناع البعض بأن خصومهم السياسيين أعداء لا يمكن إصلاحهم، يجعل اللجوء إلى العنف يبدو خيارًا مشروعًا في نظرهم".

الذئاب المنفردة وخرائط القتل الإلكترونية

أحدث الأمثلة المروعة جاءت من ولاية مينيسوتا، حيث يُتهم فانس بولتر (57 عامًا) بقتل النائبة الديمقراطية ميليسا هورتمان وزوجها، وتشير التحقيقات إلى أنه استخدم مواقع تجميع بيانات مثل Truepeoplesearch وSpokeo وWhitepages للحصول على عناوين خصوم سياسيين أدرجهم على قائمة اغتيالات.

في حالات أخرى، مثل مقتل مدير شركة تأمين صحي في نيويورك، يُشتبه في استخدام الجاني مسدس مطبوع جزئيًا بتقنية ثلاثية الأبعاد، ما يشير إلى تزاوج خطِر بين التطرف الفردي والتقنية الحديثة.

كتيّبات إلكترونية على الإنترنت

يتبادل المتطرفون عبر الإنترنت ملفات PDF ودروسًا عسكرية مستخرجة من كتيّبات قوات مسلحة، توضح أساليب الهروب والمراقبة ومهارات التخفي، بحسب تقارير أمنية. وتضيف تقارير أخرى أن جماعات مثل "القاعدة" و"تنظيم الدولة الإسلامية" نشرت مواد مماثلة بلغات متعددة على منتديات مغلقة لتدريب الأفراد على التصنيع المحلي للمتفجرات والأسلحة النارية.

عمليات سرية عبر الحدود واستغلال الشبكات الإجرامية

تزامنًا مع ارتفاع العنف السياسي الداخلي، ازدادت عمليات الاغتيال التي تنفذها حكومات أجنبية على الأراضي الأمريكية والكندية، باستخدام شبكات إجرامية محلية، كما حدث في محاولة إيران اغتيال معارض في نيويورك، أو في مقتل ناشط سيخي في كندا يُشتبه بتورط عناصر هندية فيه.

تهديدات بلا هوية واستجابات غير واضحة

رغم الجهود الأمنية، لا تزال بعض القضايا غامضة، مثل زرع القنابل أمام مقرَّي الحزبين الديمقراطي والجمهوري ليلة اقتحام الكابيتول عام 2021. المشتبه به لا يزال مجهولًا، وسط مؤشرات على استخدامه ملابس وأدوات مدروسة مأخوذة من أدلة مكافحة المراقبة المتداولة على منصات اليمين المتطرف.

وفي ظل هذه التهديدات، تبدو استجابة أجهزة الأمن محدودة أو غير شفافة، ورفض مكتب التحقيقات الفيدرالي التعليق على الأسئلة المتعلقة بموجة الاغتيالات، مكتفيًا ببيانات عامة لا تتضمن استراتيجية واضحة لمواجهتها.

العنف السياسي: مشهد قاتم في ديمقراطية مأزومة

تقول جهات التحقيق إن الدافع خلف هذه الهجمات يمتد من نزعات فردية إلى تحريض أيديولوجي ممنهج، وتُطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدولة على ضبط هذه الظواهر في ظل بيئة تقنية تسهّل التنفيذ وتؤمّن الدعم المعنوي والمعلوماتي للمهاجمين.

وفي تعليقه على مقتل هورتمان، قال وكيل فيدرالي: "هذا عمل مروّع من العنف السياسي، لا مكان له في بلادنا".

تتصاعد موجة العنف السياسي في الولايات المتحدة منذ سنوات، في ظل انقسام حزبي حاد، وتزايد في عدد الجرائم المرتبطة بالتطرف المحلي.

وتشير تقارير أمنية إلى أن المسؤولين المنتخبين باتوا هدفًا محتملاً للهجمات من قبل أفراد أو جماعات مدفوعة بأيديولوجيات متطرفة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية