"فايننشيال تايمز": الكونغرس الأمريكي يصنّف واتساب "عالي الخطورة"
"فايننشيال تايمز": الكونغرس الأمريكي يصنّف واتساب "عالي الخطورة"
حذّر مجلس النواب الأمريكي موظفيه من استخدام تطبيق "واتساب" التابع لشركة "ميتا" على الأجهزة الحكومية، استنادًا إلى مخاوف متصاعدة تتعلق بأمن البيانات الشخصية وضعف الشفافية التقنية.
وبحسب ما ذكرت صحيفة "فايننشيال تايمز"، اليوم الثلاثاء، اعتبر القرار أن التطبيق "عالي الخطورة" على المستخدمين داخل المجلس.
وبحسب مذكرة رسمية اطلعت عليها الصحيفة البريطانية، أبلغ كبير المسؤولين الإداريين في مجلس النواب، كاثرين سزبيندور، الموظفين بضرورة إزالة التطبيق من جميع الأجهزة المحمولة والحواسيب المملوكة للمجلس قبل تاريخ 30 يونيو، مؤكدة أن القرار جاء نتيجة تقييمات فنية وأمنية أظهرت قصورًا في التشفير وسوء إدارة بيانات المستخدم.
تحذير من "خطر مرتفع"
أرجعت المذكرة، التي نشرها موقع أكسيوس أولًا، قرار الحظر إلى "غياب الشفافية في كيفية تعامل واتساب مع بيانات المستخدمين، وغياب التشفير على البيانات المخزّنة، والمخاطر الأمنية المحتملة المرتبطة باستخدام التطبيق".
وأكدت سزبيندور أن "حماية بيانات أعضاء مجلس النواب وموظفيه تمثل أولوية قصوى"، موضحة أن المكتب المسؤول عن الأمن السيبراني يراجع باستمرار قائمة التطبيقات المعتمدة، ويجري التعديل عليها وفقًا لما يقتضيه تقييم المخاطر التقنية.
ورفض متحدث باسم شركة "ميتا" قرار المجلس، وعبّر عن اعتراض الشركة "بأشد العبارات الممكنة" على ما ورد في التوصيف الرسمي، وأوضح أن رسائل واتساب محمية بتقنية التشفير التام بين الطرفين بشكل افتراضي، ما يمنع حتى الشركة نفسها من الوصول إلى محتوى الرسائل.
وأشار المتحدث إلى أن "واتساب يوفر مستوى من الأمان يفوق ما هو متوفر في عدد من التطبيقات المعتمدة من قبل مجلس النواب"، في إشارة ضمنية إلى منصات مثل مايكروسوفت تيمز، وسيجنال، وآي ميساج، وفايس تايم، وويكر.
تباين في المواقف
أكدت شركة "ميتا" أن تطبيق "واتساب"، الذي يبلغ عدد مستخدميه نحو 3 مليارات شخص حول العالم، لا يزال معتمدًا للاستخدام الرسمي داخل مجلس الشيوخ الأمريكي، في مفارقة تُسلّط الضوء على تباين السياسات الأمنية بين جناحي الكونغرس.
وأوضحت المذكرة أن قائمة التطبيقات المعتمدة حاليًا تشمل برامج تراعي أعلى معايير التشفير والامتثال، منها مايكروسوفت تيمز المملوك لشركة مايكروسوفت، وسيغنال الذي أسسه أحد مؤسسي واتساب السابقين.
واشترت شركة "ميتا" تطبيق واتساب عام 2014 مقابل 19 مليار دولار، وبعد ثلاث سنوات، غادر الشريك المؤسس برايان أكتون الشركة على خلفية خلافات داخلية تتعلق بإصرار إدارة "ميتا" على استغلال البيانات الشخصية لتحقيق إيرادات تجارية، وهو ما اعتبره خرقًا لروح الخصوصية التي تأسس عليها التطبيق.
وشارك أكتون لاحقًا في تأسيس تطبيق "سيغنال" المنافس، والذي أصبح الوجهة المفضلة لكثير من المدافعين عن الخصوصية الرقمية، خصوصًا بعد تورط بعض المسؤولين الأمريكيين في مارس الماضي بمشاركة معلومات عسكرية حساسة عبر مجموعة مراسلة غير رسمية باستخدام سيجنال.
توترات تُحيط بميتا
تخوض شركة "ميتا" حاليًا معركة قانونية أمام لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية، التي تتهمها بالاحتفاظ باحتكار غير قانوني من خلال امتلاك تطبيقي "واتساب" و"إنستغرام"، وتطالب بتفكيك هذه السيطرة بدعوى الإضرار بالتنافسية.
في السياق نفسه، كشفت تقارير عن محاولات من الرئيس التنفيذي للشركة، مارك زوكربيرج، لتوثيق العلاقات مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، من خلال زيارات متكررة للبيت الأبيض، ويُنظر إلى هذه التحركات على أنها مساعٍ لتأمين مصالح "ميتا" أمام ضغوط حكومية وتنظيمية متزايدة.
وكثفت شركة "ميتا" تعاونها مع الجيش الأمريكي خلال الأشهر الأخيرة، في خطوة تُفسّر على نطاق واسع كجزء من استراتيجية تودد إلى صانعي القرار في واشنطن، ففي نوفمبر الماضي، عدّلت الشركة سياساتها للسماح للوكالات العسكرية باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، المسماة "لاما"، لأغراض عسكرية.
وأعلنت "ميتا" في مايو الماضي عن شراكة مع شركة "أندوريل" المتخصصة في تكنولوجيا الدفاع، لتطوير منتجات واقع مختلط مخصصة للجيش، وفي خطوة غير مسبوقة، تولّى كبير مسؤولي التكنولوجيا في "ميتا"، أندرو بوسورث، رتبة مقدم في فيلق الابتكار التنفيذي التابع لجيش الاحتياط الأمريكي.
إدخال الإعلانات إلى منصته
ورغم تعهد "واتساب" في بداياته بعدم إدخال الإعلانات إلى منصته، أعلنت الشركة الأسبوع الماضي عن إطلاق تجربة جديدة تشمل عرض إعلانات ضمن قسم "الحالة"، وهو جزء منفصل عن واجهة محادثات المستخدمين.
ويُعدّ هذا التحول إشارة واضحة إلى تغيير الأولويات داخل التطبيق، الذي يسعى لتعظيم إيراداته في ظل قيود تنظيمية وضغوط قانونية داخل الولايات المتحدة وخارجها.