"نيويورك تايمز": قمة الناتو في لاهاي "مسرح" لإرضاء ترامب

"نيويورك تايمز": قمة الناتو في لاهاي "مسرح" لإرضاء ترامب
قمة حلف شمال الأطلسي

رأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن قمة حلف شمال الأطلسي المنعقدة في مدينة لاهاي الهولندية تحوّلت إلى ساحة لمحاولة إرضاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عبر التركيز على زيادة الإنفاق العسكري من قبل الدول الأعضاء، وتجنب إثارة ملفات قد تُغضبه، كالحرب في أوكرانيا أو مسألة التوسّع في الحلف.

وبحسب تحليل الصحيفة، فإن الأمين العام الجديد لحلف الناتو، رئيس الوزراء الهولندي السابق مارك روته، يسعى إلى منح ترامب شعورًا بالانتصار، لا سيما في ما يخص الضغط الأمريكي المتواصل لزيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي. 

وأشارت الصحيفة إلى أن القمة لا تركز بشكل رئيسي على تحدي روسيا في أوكرانيا، رغم كونه التهديد الأمني الأبرز للحلف، بل تنصبّ الجهود على تقديم إنجاز رمزي للرئيس الأمريكي.

وذكرت الصحيفة أن "روح القمة" تجنبت بشكل متعمّد فتح نقاشات معمقة حول الحرب في أوكرانيا أو مستقبل عضوية جورجيا وأوكرانيا، خوفًا من إثارة غضب ترامب الذي طالما عبّر عن مواقف متذبذبة تجاه روسيا.

تجنّب التصعيد العسكري

وتوقعت الصحيفة أن تتحدث القمة بشكل عام عن إيران وجهود ترامب في "احتوائها"، في ظل التطورات الأخيرة، معتبرة أن هذا الطرح يأتي جزءًا من موازنة بين ملفات الشرق والغرب. كما أن إعلان وقف إطلاق النار –إن استمر– قد يسهم في تهدئة أي توتر سياسي محتمل داخل أروقة الحلف.

وفي الوقت نفسه، شددت الصحيفة على أن تجاهل التوتر الروسي يُعد إشكالية، خصوصًا في ظل استمرار العمليات العسكرية في شرق أوكرانيا، وفي ظل تخوفات دول البلطيق وبولندا من تكرار السيناريو الجورجي أو الأوكراني على أراضيها. 

وترى "نيويورك تايمز" أن غالبية القادة الأوروبيين يسيرون بحذر حول ترامب، ما يضعف الحلف عن مواجهة موسكو بخطاب حازم.

قفزة في الإنفاق

في محاولة لطمأنة ترامب، حشد روته دعم الحلفاء لزيادة الإنفاق العسكري ليصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، وهو ما يمثل قفزة كبيرة مقارنة بالهدف السابق البالغ 2% الذي تم تحديده في 2014 بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.

وينصّ المقترح الجديد على تخصيص 3.5% من هذا الإنفاق للمهام الدفاعية التقليدية داخل الناتو، على أن يتم توجيه 1.5% أخرى لبنود تُعتبر داعمة للجهد العسكري مثل تحديث البنية التحتية، وتحسين الجاهزية الطبية للطوارئ، وتأهيل المدنيين في حالات الحرب.

واعتبرت الصحيفة أن هذا الطرح يمثل "حلًا وسطًا" يسمح للدول الأقل قدرة على بلوغ هدف 2% أن تُظهر التزامًا سياسيًا وماليًا مرضيًا للبيت الأبيض.

رسالة "مُتملقة" من روته لترامب

وسلطت الصحيفة الضوء على رسالة نشرها ترامب في اليوم السابق للقمة، تضمنت إشادة "غير مسبوقة" بروته، واصفًا إياه بأنه "زعيم استطاع جعل أوروبا تدفع ثمنًا باهظًا للدفاع" وأنه أظهر "حسمًا استثنائيًا في مواجهة إيران"، على حد تعبيره.

ولفتت الصحيفة إلى أن العلاقة الشخصية بين روته وترامب تبدو عاملاً حاسمًا في نجاح القمة، خصوصًا أن روته "لا يخجل من الإطراء" الذي أصبح وسيلة رئيسية لاحتواء توجهات ترامب الشعبوية، كما تقول الصحيفة.

وفي المقابل، نقلت نيويورك تايمز عن مصادر داخل الحلف أن مسودة بيان القمة تربط –بشكل غير مباشر– بين زيادة الإنفاق العسكري والحرب الروسية في أوكرانيا، لكنها لا تُكرر التزام الحلف بانضمام أوكرانيا وجورجيا كما فعلت بيانات القمم السابقة، وهو ما اعتبره روته أمرًا "مستقرًا ولا حاجة لتكراره".

لكن هذا التجاهل، برأي الصحيفة، يُعبر عن توتر داخلي مكتوم داخل الناتو، لا سيما أن قادة شعبويين مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو، يتفقون مع ترامب في معارضة دعم عسكري مفتوح لكييف.

الاستراتيجية الجديدة.. مؤجلة 

وكان من المفترض أن تعتمد القمة استراتيجية جديدة للناتو تجاه روسيا، بديلة عن الاستراتيجية التي تم تبنيها أواخر التسعينيات والتي اعتبرت موسكو شريكًا محتملاً، لكن -بحسب الصحيفة- أُلغيت الخطة بطلب من واشنطن لتفادي إغضاب ترامب الذي لم يحقق اختراقًا في مفاوضاته المتعثرة مع روسيا بشأن أوكرانيا.

وخلصت نيويورك تايمز إلى أن قمة لاهاي تعكس مرحلة جديدة من الحذر داخل الناتو، حيث تخضع أجندة التحالف العسكري الأكبر في العالم لمعادلات السياسة الأمريكية الداخلية، وتحديدًا مزاج الرئيس ترامب، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية