دراسة: السباق العسكري العالمي يفاقم أزمة المناخ ويقوّض التنمية المستدامة
200 مليون طن من الانبعاثات سنوياً
حذّر تقرير بحثي جديد من أن إعادة التسلح الجارية في دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) يمكن أن تؤدي إلى زيادة ضخمة في الانبعاثات الكربونية، تُقدّر بنحو 200 مليون طن سنوياً، ما يهدد بشكل خطر جهود الحد من الاحتباس الحراري العالمي.
وأعد الدراسة مرصد الصراعات والبيئة بالتعاون مع الأمم المتحدة، وقد تم الكشف عنها لأول مرة الخميس عبر صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وانتقدت الباحثة إيلي كيني، المؤلفة المشاركة للدراسة، توجهات الحكومات نحو "أمن عسكري فوري" على حساب "أمن بيئي طويل الأمد"، وقالت: "نُضخّم الانبعاثات اليوم بسبب سباق التسلح، وندفع الثمن لاحقاً بانهيار مناخي متفاقم".
وأشارت كيني إلى أن هذا النهج يعزز من دوامة العنف، إذ أصبح تغير المناخ عاملاً متزايدًا في إشعال النزاعات، كما حدث في دارفور والسودان نتيجة التصحر ونُدرة الموارد.
تكلفة مضاعفة للعسكرة
قدّر الباحثون أن الإنفاق العسكري المتزايد يقابل كل نقطة مئوية تضاف إلى الناتج المحلي الإجمالي زيادة في الانبعاثات الوطنية بنحو 0.9% إلى 2%، واعتمدوا في الدراسة على بيانات متاحة من دول الناتو، باعتبارها الأكثر شفافية في العالم من حيث الإنفاق العسكري.
وأوضح الباحث لينارد دي كليرك أن المعدات العسكرية، مثل الطائرات والدبابات والسفن، تتطلب كميات هائلة من الفولاذ والألمنيوم، ما يجعل الجيوش واحدة من أكثر القطاعات استهلاكاً للكربون.
وشهدت أوروبا، وخصوصاً بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، قفزات كبيرة في ميزانيات الدفاع. وأعلنت بروكسل عن خطة "إعادة تسليح أوروبا" تتضمن إنفاقاً إضافياً بقيمة 800 مليار يورو، ووفق الدراسة، فإن الدول الأوروبية قد ترفع إنفاقها العسكري من 1.5% إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المقبلة.
وباحتساب الأثر المناخي لهذا التصعيد، فإن التكلفة الاجتماعية للكربون -بحسب التقديرات- قد تبلغ 264 مليار دولار سنوياً، وهو ما يوازي الناتج المحلي لبعض الدول المتوسطة.
ثغرات في الشفافية والثقة
قالت كيني إن معظم الدول لا تكشف عن حجم انبعاثات جيوشها، في حين تواصل تقديم تعهدات مناخية ضعيفة، وهو ما يضر بثقة الدول النامية في النظام العالمي المتعدد الأطراف، كما ظهر في مؤتمر الأطراف COP29.
وأشارت إلى أن دولاً مثل المملكة المتحدة وفرنسا وبلجيكا بدأت بتمويل زياداتها الدفاعية عبر تقليص ميزانيات المساعدات الخارجية، التي كانت أساساً مخصصة لدعم جهود المناخ في الدول النامية.
ويشهد العالم حالياً أكبر موجة صراعات مسلحة منذ الحرب العالمية الثانية، ما يدفع الحكومات إلى سباق تسلح واسع النطاق. في عام 2023 وحده، بلغ الإنفاق العسكري العالمي 2.46 تريليون دولار، وهو الأعلى في التاريخ.
وتأتي هذه الزيادة في وقت حرج بالنسبة لمستقبل المناخ العالمي، إذ تشكّل الانبعاثات الناتجة عن الجيوش نحو 5.5% من مجمل الانبعاثات الكربونية، بحسب تقديرات الدراسة.