"فايننشيال تايمز": ترامب ينسحب من محادثات التجارة مع كندا ويهدد بتعريفات جديدة

"فايننشيال تايمز": ترامب ينسحب من محادثات التجارة مع كندا ويهدد بتعريفات جديدة
توقف محادثات التجارة الأمريكية الكندية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف محادثات التجارة مع كندا، ردًا على قرار أوتاوا فرض ضريبة خدمات رقمية على شركات التكنولوجيا الكبرى الأمريكية، متوعدًا بفرض تعريفة جمركية جديدة على الواردات الكندية خلال أسبوع.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشيال تايمز"، اليوم السبت، اتهم ترامب الحكومة الكندية باتخاذ ما وصفه بـ"هجوم صارخ ومباشر" على الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن القرار الكندي يعرّض مستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين للخطر.

وكتب ترامب في منشور عبر منصته "تروث سوشيال" الجمعة: "أعلنت كندا، وهي دولة يصعب التعامل معها تجاريًا، أنها ستفرض ضريبة خدمات رقمية على شركات التكنولوجيا الأمريكية.. بناءً على هذه الضريبة الفادحة، ننهي جميع المناقشات حول التجارة مع كندا، بأثر فوري".

توتر بعد أشهر من الانفراج

أعاد هذا الإعلان العلاقات التجارية بين واشنطن وأوتاوا إلى مربع التوتر، بعد أشهر من التحسن عقب تولي رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني منصبه في مارس الماضي.

وأوضح الرئيس الأمريكي للصحفيين من المكتب البيضاوي: "لدينا علاقة رائعة مع شعب كندا، لكن لدينا كل أوراق الضغط، ولا نريد استخدام القوة، إلا أننا نملك نفوذًا اقتصاديًا كبيرًا".

وسعى رئيس الوزراء الكندي مارك كارني إلى إعادة ضبط العلاقات مع إدارة ترامب بعد سنوات من الخلافات في عهد سلفه جاستن ترودو، والتقى كارني بترامب في قمة مجموعة السبع في جبال روكي، وأعلن أن الجانبين اتفقا على مواصلة التفاوض لمدة ثلاثين يومًا، لكن القرار المفاجئ من جانب ترامب يُهدد بإجهاض هذا الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء الكندي استمرار بلاده في التفاوض مع الولايات المتحدة "بما يخدم مصالح العمال والشركات الكندية".

أسواق المال تتأثر بالتصعيد

تسببت تصريحات ترامب في تراجع الدولار الكندي بنسبة 0.7% مقابل نظيره الأمريكي خلال يوم الجمعة، كما خسر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 جزءًا من مكاسبه، وإن بقي مرتفعًا بنسبة 0.3%.

وتأتي هذه التوترات بعد إعلان وزير المالية الكندي فرانسوا فيليب شامبين في وقت سابق من هذا الشهر أن الحكومة الكندية "ستمضي قدمًا" في فرض الضريبة الرقمية، رغم اعتراضات إدارة ترامب.

وتفرض الضريبة الجديدة نسبة 3% على الإيرادات التي تحققها شركات التكنولوجيا من المستخدمين الكنديين، بما في ذلك شركات أمريكية مثل "أمازون" و"ميتا" و"نتفليكس"، إلى جانب شركات محلية، وتُلزم هذه الشركات بتقديم الإقرار الضريبي نهاية الشهر الجاري، مع تطبيق بأثر رجعي اعتبارًا من عام 2022.

بادرة حسن نية

انتقد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت الضريبة الكندية، وصرح لقناة "سي إن بي سي" بأن "تطبيقها بأثر رجعي يعد أمرًا غير عادل"، مذكّرًا بأن هذه الخطوة تعود إلى عهد رئيس الوزراء السابق ترودو.

وأعرب بيسنت عن خيبة أمله من عدم قيام حكومة كارني بإلغاء الضريبة كبادرة حسن نية خلال المحادثات التجارية، مشيرًا إلى أن الممثل التجاري الأمريكي جيمسون جرير سيُجري تحقيقًا في هذه الممارسات، ما قد يفتح الباب أمام فرض مزيد من الرسوم الجمركية على الصادرات الكندية.

وشدد ترامب على أن الضريبة الكندية تستند إلى نماذج أوروبية مماثلة، وقال: "ولن يكون ذلك جيدًا لأوروبا أيضًا"، لكنه أشار إلى استمرار المحادثات مع الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي.

الزراعة تعود للواجهة

أعاد الرئيس الأمريكي فتح ملف السياسات الزراعية الكندية، معتبرًا أنها تمثل إحدى أقدم نقاط الخلاف بين البلدين، واتهم كندا بفرض رسوم تصل إلى 400% على منتجات الألبان الأمريكية، وكتب على "تروث سوشيال": "لقد فرضوا هذه الرسوم لسنوات على مزارعينا، وهذا غير مقبول".

وتعتمد كندا على نظام "إدارة التوريد" الذي ينظم أسعار الألبان وحصص الإنتاج، في خطوة تهدف إلى حماية المنتجين المحليين، وهو نظام سبق أن وصفه ترامب في عام 2017 بأنه "عار".

وأعاد ترامب بتصرفاته الأخيرة أجواء المواجهة التجارية التي اتسمت بها ولايته الأولى، عندما فرض رسومًا شاملة بنسبة 25% على الواردات الكندية، وعلى الرغم من تعديل بعض تلك الرسوم لاحقًا مع استثناءات لاتفاقية التجارة الحرة الجديدة (USMCA)، فإن الرسوم على قطاعات الصلب والألمنيوم أثرت سلبًا على كندا.

وتسببت تهديداته السابقة بضم كندا كولاية أمريكية في تأجيج الغضب شمال الحدود، في وقت يشهد فيه الرأي العام الكندي توترًا متصاعدًا حيال تصرفات الإدارة الأمريكية.

تداعيات الضريبة الرقمية

حذرت جماعات الأعمال الكندية من تداعيات الضريبة الرقمية، وطالبت الحكومة بسحبها تجنبًا لتصعيد النزاع.

دعت رئيسة مجلس الأعمال الكندي، جولدي هايدر، إلى مراجعة القرار، مؤكدة أن "الضريبة الرقمية أحادية الجانب تُهدد بإضعاف العلاقة الاقتصادية بين كندا وأهم شريك تجاري لها، الولايات المتحدة".

ووصفت رئيسة غرفة التجارة الكندية، كانديس لينغ، الضريبة بأنها "عكسية"، لكنها أعربت عن أملها في عدم تأثيرها على مسار المفاوضات، وقالت: "تمر المفاوضات بمراحل صعود وهبوط، ومن الطبيعي أن تحدث مفاجآت في اللحظات الأخيرة".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية