"إنقاذ الطفولة": نهب الأدوية يهدد حياة الأطفال المصابين بسوء التغذية في السودان
"إنقاذ الطفولة": نهب الأدوية يهدد حياة الأطفال المصابين بسوء التغذية في السودان
حذرت منظمة "إنقاذ الطفولة" من أن أعمال النهب المتكررة التي تستهدف مستودعات الأدوية والإمدادات الطبية، تهدد بشكل مباشر حياة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم في السودان، مؤكدة أن هذه الاعتداءات تأتي في ظل انهيار متسارع في النظام الصحي، بعد مرور عامين على اندلاع النزاع المسلح.
وفي تقرير نشره الموقع الرسمي للمنظمة، اليوم الخميس، أظهرت تحقيقات حديثة لـ"إنقاذ الطفولة"، استنادًا إلى بيانات منظمة الصحة العالمية، أن ما لا يقل عن 933 شخصًا، بينهم أطفال، لقوا حتفهم خلال محاولتهم الحصول على الرعاية الطبية أو زيارة ذويهم في المستشفيات، وذلك في أكثر من 38 هجومًا مسجلاً في النصف الأول من عام 2025، وأشارت المنظمة إلى أن هذا العدد يزيد بنحو 60 ضعفًا على نظيره في الفترة نفسها من العام الماضي.
وسجّلت المنظمة أيضًا إصابة أكثر من 148 شخصًا نتيجة تلك الهجمات، وهو ما يمثل ثلاثة أضعاف عدد الإصابات المسجلة في الفترة المماثلة من عام 2024، وسط تصاعد في عدد الحوادث التي تطال المستشفيات، والعيادات، وسيارات الإسعاف، وحتى القوافل الطبية.
وثق مكتب منظمة الصحة العالمية في السودان وقوع أحدث الهجمات الأسبوع الماضي في مستشفى المجلد بولاية غرب كردفان، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 40 شخصًا، من بينهم ستة أطفال وخمسة من العاملين في القطاع الصحي، بالإضافة إلى إصابة العشرات بجروح متفاوتة.
وأفادت تقارير أخرى بقصف استهدف المستشفى السعودي بمدينة الفاشر في شمال دارفور، في يناير الماضي، وأسفر عن مقتل أربعة أطفال على الأقل، كانوا يتلقون العلاج في قسم الطوارئ نتيجة إصابات ناتجة عن قصف سابق في المنطقة ذاتها، كما أُصيب ثلاثة أطفال آخرين في الهجوم نفسه، ما يعكس تصاعد العنف الذي يطال الفئات الأكثر ضعفًا.
انتشار الكوليرا
شهدت البلاد تفشيًا متفاقمًا لوباء الكوليرا، حيث سُجلت 80 ألف حالة مؤكدة حتى يوليو 2025، من بينها أكثر من ألف طفل دون سن الخامسة، كما بلغ عدد الوفيات الناتجة عن الوباء أكثر من 2000 حالة على مستوى البلاد منذ الإعلان عن تفشي المرض قبل نحو شهرين.
وساهم انهيار النظام الصحي وتدمير مرافقه في الحد من قدرة السودان على الاستجابة لتفشي الكوليرا، ومع قصف المستشفيات وإغلاق معظمها، أصبح ملايين الأشخاص محرومين من أي شكل من أشكال العلاج.
وأكدت منظمة إنقاذ الطفولة أن المستودعات الطبية التابعة لها، وتلك التابعة لمنظمات إنسانية أخرى مثل اليونيسف، تعرضت للنهب في عدة مناسبات، ما أدى إلى فقدان كميات كبيرة من الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام (RUTF)، وهي علاجات حيوية مخصصة للأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم.
وثّقت المنظمة حادثة نهب خطيرة في مستشفى البشائر بالعاصمة الخرطوم خلال شهر مارس الماضي، حيث تمت سرقة أدوية وأغذية علاجية ضمن مخزونات الطوارئ الخاصة بها، وتكررت هذه الحوادث في مرافق أخرى تابعة للمنظمة في أنحاء مختلفة من البلاد.
وأوضحت المنظمة أن مخزونات RUTF منخفضة للغاية، وأن السودان يُعد من بين الدول المهددة بفجوات حرجة في سلاسل الإمداد العالمية خلال الشهور المقبلة، نتيجة خفض التمويل المخصص للمساعدات الإنسانية.
انهيار الثقة بالنظام الصحي
صرّح نائب المدير القطري للبرامج والعمليات في منظمة إنقاذ الطفولة، فرانشيسكو لانينو، بأن الأوضاع الحالية تنذر بكارثة إنسانية متفاقمة، وقال: “لا ينبغي للعاملين في الرعاية الصحية أن يخشوا على حياتهم أثناء تقديم الخدمات، ولا يجب على المرضى أن يترددوا في التوجه إلى المستشفيات خوفًا من الهجمات”.
وأعرب لانينو عن قلقه الشديد من أن بعض المستشفيات التي استُهدفت كانت الوحيدة المتبقية في محيطها، مما يجعل الوصول إلى الرعاية الصحية شبه مستحيل بالنسبة للنازحين والسكان المحليين"، وأشار إلى أن أكثر من 80% من مستشفيات السودان قد خرجت عن الخدمة منذ بداية النزاع في أبريل 2023.
ودعت منظمة "إنقاذ الطفولة" المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود الدبلوماسية والإنسانية من أجل وقف فوري لإطلاق النار، بما يتيح الوصول الآمن وغير المشروط للمساعدات الطبية والإنسانية إلى المدنيين المحتاجين.
توفير ممرات آمنة
طالبت المنظمة بتوفير ممرات آمنة للغذاء والأدوية والإمدادات التجارية، خاصةً نحو المناطق النائية مثل دارفور، حيث يعاني الأطفال من معدلات مرتفعة من الهزال وسوء التغذية، دون توفر أي دعم طبي فعّال.
وتواصل منظمة إنقاذ الطفولة عملها الإنساني في السودان منذ عام 1983، وتُقدّم اليوم مساعدات منقذة للحياة في مجالات الصحة والتغذية والتعليم وحماية الطفل، إلى جانب دعم الأمن الغذائي وسبل العيش للأسر المتضررة، كما تتابع المنظمة دعمها للاجئين السودانيين في مصر وجنوب السودان، في ظل استمرار تدفق النازحين عبر الحدود هربًا من العنف والنزاع.