غموض موقف الطالب الفلسطيني محمود خليل وإدارة ترامب تهدد بترحيله
غموض موقف الطالب الفلسطيني محمود خليل وإدارة ترامب تهدد بترحيله
في خطوة تصعيدية أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط الحقوقية والأكاديمية، اعتقلت السلطات الفيدرالية الأمريكية الطالب الفلسطيني محمود خليل من مقر سكنه داخل حرم جامعة كولومبيا في نيويورك، في أعقاب حملة أطلقتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد ما سمّته "التحريض السياسي داخل جامعات النخبة".
ويمثل اعتقال خليل، أحد أبرز الناشطين في الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين، تحولاً غير مسبوق في سياسة الإدارة الأمريكية تجاه الطلاب الأجانب، حيث وُضع قيد الاعتقال لأكثر من 3 أشهر داخل مركز احتجاز للمهاجرين في ولاية لويزيانا، دون توجيه تهم جنائية رسمية.
جاء اعتقال خليل بعد إلغاء إدارة ترامب منحاً بحثية بمليارات الدولارات كانت مخصصة لجامعات من بينها كولومبيا وهارفارد، عقاباً لها على سماحها بتنظيم احتجاجات داعمة للفلسطينيين، وتزامنت هذه الإجراءات مع ضغوط سياسية وإعلامية لتقييد حرية التعبير داخل الجامعات.
الوقوف ضد الإبادة
وأكد خليل (30 عاماً)، الذي أُفرج عنه بكفالة قبل نحو أسبوعين، أنه "ليس نادماً على الوقوف ضد الإبادة الجماعية"، مضيفا: "ما فعلته الحكومة منحني منبراً أوسع وليس العكس".
وقد رُحب بالإفراج عنه من قبل النائبة ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، التي استقبلته في المطار، وشارك بعد يومين فقط في مسيرة حاشدة في نيويورك، ظهر فيها إلى جانب النائب المؤيد لفلسطين زهران ممداني.
يعاني خليل، الذي نشأ في مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا، من تداعيات الاعتقال على مستقبله المهني والشخصي، إذ فقد فرصة عمل كمستشار سياسي مع مؤسسة دولية، ولم يتمكن من حضور حفل تخرجه في مايو الماضي، بينما يواجه الآن خطر الترحيل المحتمل مع استمرار الاستئناف الحكومي ضد قرار القاضي الفيدرالي الذي اعتبر محاولة ترحيله "انتهاكاً محتملاً للدستور وحرية التعبير".
وقال خليل: "أنا الآن أركز على قضاء وقتي مع زوجتي الأمريكية وابني، لأن الحكومة قد تفوز في الاستئناف وتعيدني إلى الاعتقال في أي لحظة".
تهديد لحرية التعبير
اتهمت إدارة ترامب الطلاب الدوليين المؤيدين لفلسطين بـ"دعم الإرهاب"، مستندة إلى قانون هجرة فضفاض يتيح ترحيل الأجانب حتى دون إدانة جنائية، بذريعة أن خطاباتهم تشكل تهديداً للسياسة الخارجية.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض أبيغيل جاكسون: "الأمر لا يتعلق بحرية التعبير، بل بأفراد يدعمون عناصر حماس ويهددون سلامة الجامعات".
ورفض خليل هذه المزاعم، مؤكداً أن الحركة الطلابية تضم يهوداً داعمين للقضية الفلسطينية، وأن الحكومة تستخدم تهمة "معاداة السامية" لقمع المعارضة و"إعادة تشكيل التعليم العالي بما يتماشى مع أجندة يمينية متطرفة".
موقف جامعات النخبة
لم تطعن جامعة كولومبيا في قرار الحكومة بتجميد التمويل الفيدرالي، بل وافقت على تشديد القواعد المنظمة للاحتجاجات كشرط لاستئناف المفاوضات مع إدارة ترامب.
وفي المقابل، أكدت في بيان أن "الاستقلالية الأكاديمية خط أحمر"، لكنها نفت توصيف خليل لموقف الجامعة بأنها استسلمت للضغوط السياسية.
وقالت المتحدثة باسم الجامعة، فيرجينيا لام أبرامز: "نحن نحترم حق الطلاب بالتعبير، بمن فيهم السيد خليل، لكن في الوقت نفسه لدينا التزام بضمان بيئة خالية من التمييز والتحريض".
دعوة للمقاومة ورفض الانصياع
دعا خليل جامعة كولومبيا وبقية المؤسسات المستهدَفة إلى عدم الخضوع للضغوط السياسية، مشيراً إلى أن "الطلاب قدموا خريطة طريق واضحة لاحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي داخل الحرم الجامعي".
وأكد أن ما يحدث هو محاولة لفرض هيمنة فكرية على الجامعات الأمريكية تحت شعار "تنوع فكري زائف"، بينما الهدف الحقيقي هو "تكميم الأفواه المعارضة، وتشويه النضال الفلسطيني، وتجريم التضامن معه".
وتشكل قضية محمود خليل نقطة تحول خطيرة في العلاقة بين الهجرة والتعليم وحرية التعبير في الولايات المتحدة، وتسلط الضوء على واقع جديد يواجه فيه الطلاب الأجانب أثماناً باهظة لمواقفهم السياسية، في وقت يتصاعد فيه الجدل حول دور الجامعات كمنصات للحوار الحر أو كميادين لصراع سياسي على الولاء والانتماء.
وفي ظل استمرار الاستئناف، لا يزال مصير خليل معلقاً، في انتظار قرار قضائي قد يكون له أثر بعيد المدى على آلاف الطلاب الدوليين، وحرية النقاش السياسي داخل الحرم الجامعي الأمريكي.