في ذكرى "الفرمان الإيزيدي".. حركة حرية المرأة الإيزيدية تحذّر من استمرار "الإبادة"
في ذكرى "الفرمان الإيزيدي".. حركة حرية المرأة الإيزيدية تحذّر من استمرار "الإبادة"
في بيان حادّ اللهجة صدر قبل أسابيع من حلول الذكرى السنوية الحادية عشرة لمجزرة الثالث من أغسطس 2014، حذّرت حركة حرية المرأة الإيزيدية (TAJÊ) من استمرار السياسات الممنهجة التي وصفتها بـ"الإبادة الجماعية والبيضاء" ضد النساء الإيزيديات، متهمةً أطرافًا إقليمية بالتورط المباشر أو غير المباشر في إدامة معاناة المجتمع الإيزيدي ومنع عودته إلى أرضه.
تأتي الذكرى السنوية هذه العام في ظل واقع لا يزال يحمل ندوب المجزرة البشعة التي ارتكبها تنظيم "داعش" عام 2014، حين اجتاح قضاء سنجار (شنكال) غرب الموصل، فقتل آلاف الإيزيديين واختطف الآلاف من النساء والفتيات والأطفال، بعضهم لا يزال في عداد المفقودين حتى اليوم، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة، الثلاثاء.
وتحت شعار "بدعوة إلى السلام والمجتمع الديمقراطي، سنثأر للإبادة بحق نساء الإيزيديين"، أعادت حركة حرية المرأة الإيزيدية تسليط الضوء على ما سمّته "الإبادة المستمرة"، مؤكدة أن الجريمة لم تنته بانهيار داعش، بل ما تزال قائمة بأشكال جديدة، منها التهجير القسري، منع العودة، الاستغلال، ومحو الهوية.
وقالت الحركة في بيانها: "إن تجاهل هذه المجازر هو موت للضمير الإنساني، المجازر التاريخية لا تُنسى، وإذا نُسيت فإن ذلك يعني فقدان الإنسانية نفسها. ما زال آلاف النساء يعانين من آثار السبي والاغتصاب والوصمة المجتمعية، في ظل غياب عدالة انتقالية حقيقية".
أطراف تتحمّل المسؤولية
حمّل البيان بشكل واضح كلاً من الحكومة المركزية العراقية، الحزب الديمقراطي الكردستاني (KDP)، والدولة التركية، المسؤولية عن استمرار سياسات الإقصاء والمعاناة بحق الإيزيديين.
واتّهم الحزب الديمقراطي بمحاولة تهجير الإيزيديين قسرياً من مناطقهم، واستخدام وسائل "ملتوية" لإبعاد النساء المحررات إلى دول أوروبية في إطار ما وصفته الحركة بـ"طمس القضية".
وأكدت الحركة أن المجتمع الإيزيدي ما زال محرومًا من العودة إلى أرضه، حيث يقبع آلاف من أفراده في المخيمات منذ أكثر من عقد، في ظروف حياتية قاسية تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة، دون خطة واضحة لإعادة الإعمار أو إعادة التوطين الطوعي.
وندّدت بالتدخلات التركية المستمرة، سواء العسكرية أو السياسية، في مناطق سنجار، معتبرة أن تركيا تمارس ضغوطًا مباشرة وتستخدم التهديدات العسكرية لتحقيق أجندة تستهدف الوجود الإيزيدي.
"الإبادة" والهيمنة الذكورية
رأت حركة حرية المرأة الإيزيدية أن ما تواجهه النساء اليوم هو "إبادة بيضاء" تستهدف الجسد والثقافة والهوية والذاكرة، وأن هذه السياسات تُمارس تحت غطاء "الدولة القومية" والعقلية الذكورية القمعية، مضيفة أن داعش كان النموذج الأوضح لما وصفته بـ"نظام الرجل – الدولة"، ووريثاً شرعياً لعقلية الاضطهاد ضد النساء.
وقالت الحركة في بيانها: "إن الظهور العلني لجماعات مثل طالبان وجبهة النصرة بوصفها أنظمة حاكمة يعكس تعاظم السياسات الذكورية المناهضة للنساء في المشهد العالمي، وأن الحرب على النساء مستمرة، بأساليب قد تختلف شكلاً لكنها واحدة في الجوهر".
وأكّدت حركة حرية المرأة الإيزيدية أن الذكرى الحادية عشرة للمجزرة يجب أن تشكّل محطة لتصعيد المقاومة، وتوسيع التنظيم النسوي، وإعادة بناء المجتمع الإيزيدي على أسس العدالة والمساواة.
ودعت إلى مواجهة ما سمّته بـ"ذهنية الدولة الذكورية" ومناهضة كل أشكال القمع، مشددة على أن النساء الإيزيديات، اللواتي تحمّلن أفظع أنواع الانتهاكات، لا يزلن في الخط الأمامي للنضال من أجل حقوقهن وكرامتهن.
واستشهدت الحركة برسائل القائد عبد الله أوجلان، مؤكدة أن الدعوة إلى السلام والمجتمع الديمقراطي هي الرد الأعمق على “الفرمان” -وهي التسمية التي يطلقها الإيزيديون على المجازر الكبرى التي تعرّضوا لها تاريخياً- وأن النسخة الرابعة والسبعين من هذه المجازر يجب أن تُقابل بتنظيم جماعي يضمن الحماية وحق تقرير المصير.
وفي ختام البيان، أعلنت حركة حرية المرأة الإيزيدية عن برنامج واسع من الفعاليات والنشاطات في الداخل والخارج، تشمل تنظيم مسيرات، معارض فنية، ندوات توثيقية، وقوافل نسوية إلى شنكال، إلى جانب حملات دولية إعلامية وسياسية لإحياء ذكرى المجزرة، والضغط من أجل محاسبة الجناة وتعزيز الدعم الدولي لقضية النساء الإيزيديات.