منظمات حقوقية وأحزاب وبرلمانيون يدينون العقوبات الأمريكية على فرانشيسكا ألبانيز
منظمات حقوقية وأحزاب وبرلمانيون يدينون العقوبات الأمريكية على فرانشيسكا ألبانيز
استنكرت منظمات حقوقية دولية وأحزاب فلسطينية وبرلمانيون أوروبيون العقوبات الأمريكية على المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، بسبب تقاريرها عن جرائم الإبادة الإسرائيلية في غزة.
أدان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة قرار وزارة الخارجية الأمريكية فرض عقوبات على المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، معتبرًا أن الخطوة تكشف موقفًا رسميًا أمريكيًا معاديًا لأي تحقيق مستقل يكشف جرائم الإبادة الجماعية والانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.
تهديد لآليات الأمم المتحدة
أكد المرصد -في بيان- أن هذا القرار يمثّل انحرافًا خطِرًا عن مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان، ويُعد استهدافًا مباشرًا لاستقلالية عمل المقررين الخاصين بالأمم المتحدة، الذين يُفترض أن يتمتعوا بالدعم والحماية، لا أن يُعاقَبوا لمجرد التزامهم بمهامهم وكشفهم الجرائم بمسمياتها الحقيقية.
أشاد المرصد الأورومتوسطي بمواقف ألبانيز التي وصفت ما يجري في غزة بوضوح كجريمة إبادة جماعية تُرتكب على مرأى ومسمع العالم، وتحدثت صراحة عن تواطؤ القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، عبر التسليح والتغطية السياسية. كما انتقدت الدول التي تجاهلت تنفيذ المذكرة الصادرة باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مروره عبر أراضيها.
وأوضح المرصد أن عمل ألبانيز ينسجم تمامًا مع ولايتها الرسمية المُحددة من مجلس حقوق الإنسان، فهي مكلفة برصد الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما قامت به من توثيق ودعوات للمساءلة يدخل في صميم مهامها، كما لفت إلى أن الدعوة لفرض عقوبات أو حظر السلاح هي أدوات سلمية مشروعة لمواجهة الجرائم بموجب القانون الدولي، ولا يمكن اعتبارها جريمة.
وذكّر المرصد أن اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946 تمنح المقررين الخاصين حصانة عن أي إجراءات قانونية أو إدارية نتيجة أعمالهم الرسمية. وأكد أن الولايات المتحدة بصفتها طرفًا في الاتفاقية ملزمة قانونًا باحترام هذه الحصانة وعدم اتخاذ إجراءات ضدهم بسبب عملهم الرسمي.
قال المرصد الأورومتوسطي إن الولايات المتحدة بدلًا من مراجعة سياساتها الداعمة للجرائم الإسرائيلية، اختارت معاقبة من كشف تواطؤها، معتبرًا ذلك محاولةً يائسة لإسكات الأصوات المستقلة، وتهديدًا لكل من يجرؤ على المطالبة بالمحاسبة.
ازدواجية المعايير الأمريكية
انتقد المرصد استخدام الولايات المتحدة الدائم للعقوبات أداةً سياسيةً، واعتبر أن الأخطر هو إعلان واشنطن معارضة صريحة لمبدأ المساءلة، بما يشكل حربًا مفتوحة على القانون الدولي وتقويضًا متعمدًا لبنيته، في سبيل إخضاعه لمصالح القوة والهيمنة بدلًا من تحقيق العدالة.
لفت المرصد إلى أن هذه العقوبات تكشف انخراطًا رسميًا أمريكيًا في جريمة الإبادة، ليس فقط عبر الدعم العسكري والسياسي، بل أيضًا عبر استهداف كل من يحاول فضحها، كما جرى سابقًا بفرض عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية بعد إصدارهم مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين.
وعبّر المرصد عن دعمه الكامل لألبانيز، مطالبًا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتحرك الفوري لحماية استقلالية منظومة حقوق الإنسان، وعدم السماح بتحويلها إلى رهينة للابتزاز السياسي. وأكد أن قول الحقيقة عن الإبادة في غزة واجب، أما الصمت والتواطؤ فهو الجريمة.
اقتراح منحها جائزة نوبل
كما اقترح عضو البرلمان الأوروبي السلوفيني ماتياز نيميتش، عبر منشور على منصة "إكس"، ترشيح فرانشيسكا ألبانيز لجائزة نوبل للسلام لعام 2026، وأوضح أنها أصبحت صوت ملايين الأشخاص الذين يطالبون بفرض عقوبات على الحكومة الإسرائيلية استنادًا إلى حقائق دامغة، في حين يقف سياسيون في أوروبا وأمريكا شركاء في الإبادة عبر صمتهم.
وأشار نيميتش إلى أن ألبانيز مثلت عنصر توازن في مواجهة نفاق السياسات الغربية، مؤكّدًا أنها "الصوت الأول" منذ عام ونصف العام في كشف الوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة والضفة.
وفي السياق، أدان حزب الشعب الفلسطيني بشدة فرض العقوبات الأمريكية على ألبانيز، معتبرًا أن ذلك يشكّل مساسًا خطِرًا بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان. واستنكر الحزب ما سبق العقوبات من حملة تحريض ممنهجة وصلت حد المطالبة بإقالتها من منصبها الأممي.
جدّد الحزب رفضه للسياسة الأمريكية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، موضحًا أن هذه العقوبات تكشف الانحياز الأمريكي الفاضح لمصلحة إسرائيل، داعيًا إلى أوسع حملة تضامن عالمي مع ألبانيز.
وثمّن حزب الشعب مواقف ألبانيز الشجاعة في فضح جرائم الإبادة الجماعية ودعوتها لمحاسبة مرتكبيها أمام المحكمة الجنائية الدولية، معتبرًا ذلك التزامًا صادقًا بمبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان.
رصد حالة حقوق الإنسان
تُعد فرانشيسكا ألبانيز مقررة خاصة للأمم المتحدة مكلفة برصد حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 2022.
وأثارت تقاريرها الأخيرة حول جرائم الإبادة في غزة والضفة الغربية غضبًا شديدًا في الدوائر الأمريكية والإسرائيلية، التي اتهمتها بـ«الانحياز» للفلسطينيين، رغم أن عملها يستند إلى حقائق ميدانية وضمن صلاحياتها القانونية.