اليوم العالمي للسكان 2025.. 20% من الشباب عاجزون عن إنجاب الأطفال الذين يحلمون بهم
يُحتفى به 11 يوليو من كل عام
في مناسبة سنوية يحيي فيها العالم تاريخًا ديموغرافيًا تتقاطع فيه الحقوق والتنمية، يحتفل اليوم في 11 يوليو بـاليوم العالمي للسكان لعام 2025، والذي يؤكد هذا العام أن الحقوق الإنجابية للشباب ليست رفاهية، بل ضرورة لتشكيل مستقبل مستدام ينطلق من إرادة فردية واختيار واعٍ.
وظهر الحديث عن اليوم العالمي للسكان لأول مرة في عام 1989، استجابةً للاهتمام الذي أثارته "يوم الخمسة مليارات" في 11 يوليو 1987، حين بلغ عدد سكان العالم نحو خمس مليارات نسمة، وفي 11 يوليو 1990 قررت الأمم المتحدة، بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تخصيص هذا اليوم سنويًا لرفع الوعي العالمي بقضايا السكان.
وحددت الأمم المتحدة عبر UNFPA في موقعها الرسمي شعار اليوم لهذا العام: "تمكين الشباب من بناء الأسر التي ينشدونها في عالم يسوده العدل والأمل"، يناشد هذا الشعار الحكومات والمجتمع المدني والمجتمع الدولي دعمه بشكل عملي، لا نظري، من خلال توفير الفرص والحقوق والتسهيلات لكل شاب وشابة ممن يطمح لبناء أسرة مستقرة.
الأزمة الديموغرافية المتناقضة
كشفت بيانات UNFPA في تقريرها السنوي حول حالة السكان لعام 2025 أن ما يقرب من 20% من البالغين في سن الإنجاب يشعرون بأنهم لن يستطيعوا إنجاب العدد الذي يطمحون إليه.
وأظهر استطلاع أُجرِيَ بالتعاون مع YouGov شمل أكثر من 14 ألف شاب في 14 بلدًا أن 39% من المشاركين واجهوا صعوبات اقتصادية في تحقيق إنجاب أكبر، في حين عبّر 18% عن مشكلة في الوصول إلى وسائل تنظيم الأسرة أو الدعم الصحي.
ورغم النمو السكاني سريعًا خلال القرنين الأخيرين، أصبح الكوكب اليوم محاطًا بإنذارات حول "انهيار سكاني"، فقد ارتفع عدد سكان العالم من نحو مليار عصر الصفر إلى نحو 8.3 مليار عام 2022، ومتوقع أن يتجاوز 9.7 مليار بحلول عام 2050، و10.9 مليار عام 2100 ، لكن تراجعات في الخصوبة، من متوسط عالمي لـ4.5 أطفال في السبعينيات إلى نحو 2.25 طفل لكل امرأة اليوم، تكشف عن فجوة سكانية حقيقية.
الأهداف التنموية المتشابكة
تأسّس اليوم العالمي للسكان على حقّ اختيار الأسر الذي يتمتع به كل إنسان، وعليه، لا يكفي التفكير الأيديولوجي في تشجيع الإنجاب كحل ديموغرافي، بل يجب تحسين الحريات والظروف الاقتصادية والصحية والتعليمية للشباب، بما يجعل إنجابهم قرارًا نابعًا من اختيار واعٍ، لا فرضًا أو تحفزًا قسريًا.
في سياق جدول أهداف التنمية المستدامة، يرتبط اليوم بعدة أهداف منها الصحة الجيدة (SDG 3)، والمساواة بين الجنسين (SDG 5)، والقضاء على الفقر (SDG 1)، وتعزيز التعليم (SDG 4)، وتحقيق المدن المستدامة (SDG 11)، ومكافحة تغيّر المناخ (SDG 13)، وتوفير الخدمات الصحية الشاملة وتمكين المرأة حسب ما يؤكد UNFPA في خطته.
ومن اللافت أن التقرير العالمي 2025 أوضح أن الشباب اليوم يكبّلهم توتر وحيرة تشمل مشكلات اقتصادية، عدم استقرار وظيفي، غلاء السكن، قلق مستقبلي ناتج من تحول المناخ أو النزاعات، ونقص في الخدمات الصحية والإنجابية، وهو ما دفعهم للتوقف عن التفكير في بناء الأسرة.
ولا يمكن تهميش عامل التمييز بين الجنسين، إذ لا تزال أعباء الرعاية غير المتوازنة تقف حجر عثرة أمام قدرة النساء على الإقدام على الإنجاب بحرية واستقلالية.
دعوة لبناء الأمل
أطلق UNFPA دعوة واضحة إلى الحكومات لوضع الأفراد والمجتمع وبناء الأمل في قلب السياسات السكانية، من منظور حقوقي ينطلق من حرية الإنجاب والمسؤولية المشتركة، بعيدًا عن أوهام رفع معدلات الخصوبة دون ضمان ظروف حياة كريمة.
ووأكدت الأمم المتحدة أن "الحل الحقيقي يكمن في تمكين الشباب، تصميم بيئة عادلة تضمن لهم العمل اللائق، التعليم الحق، الخدمات الصحية المتكاملة، ودعمًا نفسيًا وماديًا يساعدهم على تخطيط الأسرة بثقة".
ويتوجه هذا اليوم الدولي بنداء قوي لتصحيح الضربات الموجهة لقدرات الشباب الإنجابية، فيكفي أن نبدأ بخدمات الصحة الإنجابية، مرورًا بالتربية الجنسية، وتمويل الإسكان والتعليم ورعاية الأطفال، وصولًا إلى تطوير سياساتي تشجع الأمومة والأبوة المتوازنة.
ويشدد UNFPA على ضرورة إشراك الشباب في عملية صنع القرار، وإسناد صوتهم في الحوار حول السياسات الوطنية لتشكيل الأسرة، مع ضمان حقوق جماعات الأقلية العرقية والجنسية والهويات المتنوعة.
وفي خضم تحديات العصر، تتألق أهمية اليوم العالمي للسكان في 2025 كدعوة عالمية لتمكين الشباب من حرية الاختيار ودعم أولوياتهم، والالتفاف حولهم على أنهم حائزون حقاً في إنجاب الأسرة التي يرغبون بها ضمن بيئة تحترم كرامتهم، فإذا كان العالم يطمح لاستشراف المستقبل، فعليه أن يضمن حريتهم.