بولندا تشدد قيودها على الحدود وتصاعد القلق من انتهاكات حقوق المهاجرين

بولندا تشدد قيودها على الحدود وتصاعد القلق من انتهاكات حقوق المهاجرين
بولندا تشدد قيودها على الحدود - أرشيف

بدأت السلطات البولندية تنفيذ إجراءات تفتيش صارمة على حدودها مع ألمانيا وليتوانيا، في تصعيد أمني غير مسبوق منذ أعوام، بذريعة التصدي للهجرة غير النظامية، في وقت تزايدت فيه التحذيرات من تدهور الضمانات الحقوقية لطالبي اللجوء والمهاجرين عند أطراف الاتحاد الأوروبي.

وشرعت القوات البولندية منذ 7 يوليو الجاري، في تطبيق نظام تفتيش شامل عند 13 معبرًا حدوديًا مع ألمانيا و3 مع ليتوانيا، مع إخضاع باقي النقاط الحدودية لرقابة مؤقتة ومباغتة، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز"، اليوم الأربعاء. 

وفي غضون أسبوع فقط، تم تفتيش أكثر من 67 ألف شخص و28,500 مركبة عند الحدود الألمانية، بينما خضع أكثر من 40 ألف شخص و19,500 مركبة للتفتيش عند الحدود الليتوانية، بحسب بيانات حرس الحدود البولندي.

ورغم ضخامة هذه الأرقام، لم تسفر الإجراءات إلا عن رفض دخول 24 شخصًا عند الحدود الألمانية و15 شخصًا فقط عند الحدود الليتوانية، أي ما يعادل 0.04% من إجمالي الذين تم فحصهم، وهو ما يطرح تساؤلات جدّية حول مدى توازن هذه الإجراءات مع المبادئ الأساسية للحرية والتنقل وحقوق الإنسان.

رد أمني أم عقاب سياسي؟

ورغم ما أعلنته الحكومة البولندية عن أن هذه الخطوة جاءت لمواجهة "تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين"، فإن مراقبين يرون فيها أيضًا ردًا انتقاميًا على قرارات ألمانية سابقة، حيث شرعت برلين في أكتوبر 2023 في فرض تفتيشات على حدودها الشرقية.

وشددت تلك الإجراءات في مايو الماضي بأوامر مباشرة من وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت، وهو ما أثار حفيظة الحكومة البولندية.

وبينما تقول السلطات البولندية إنها تهدف إلى حفظ الأمن القومي، يؤكد حقوقيون أن هذه السياسات تنطوي على تمييز مقلق ضد اللاجئين، لا سيما وأن القوانين البولندية الجديدة تسمح برفض دخول طالبي اللجوء من عند الحدود مباشرة، ما يُعد انتهاكًا لمبدأ "عدم الإعادة القسرية"، المكرّس في القانون الدولي للاجئين.

مخاوف حقوقية تتزايد

أثارت هذه الإجراءات انتقادات منظمات حقوق الإنسان التي عبّرت عن قلقها إزاء استخدام مسألة الأمن ذريعة لتقييد حقوق اللاجئين والمهاجرين. 

وأشار مراقبون إلى أن عمليات الرفض لا تستند بالضرورة إلى تقييم فردي أو قانوني شامل، بل إلى شبهات أو قرارات إدارية سريعة قد تفتقر إلى الشفافية والعدالة.

ولفت حقوقيون إلى أن قلة عدد الرافضين -24 فقط من أصل أكثر من 67 ألفًا- يُظهر أن هذه الإجراءات قد تكون موجهة بالأساس لخلق مناخ من الردع والخوف لا لمعالجة مشكلة واقعية، مع الإشارة إلى أن طلبات اللجوء المقدمة على الجانب الألماني لم تتجاوز 10% من الحالات التي مُنعت من الدخول.

مصير مجهول للمرفوضين

لا تزال أوضاع المهاجرين الذين رُفض دخولهم غامضة، وسط مخاوف من إعادتهم إلى ظروف غير آمنة أو من تقييد حريتهم دون تمكينهم من حق الدفاع عن أنفسهم أو تقديم طلبات لجوء رسمية. 

وتم، وفق حرس الحدود البولندي، إعادة 19 شخصًا إلى ليتوانيا بموجب اتفاق الإعادة الموقع بين البلدين، كما جرى القبض على 8 أشخاص بتهمة "تهريب البشر"، دون تفاصيل عن ظروف الاحتجاز أو الإجراءات القانونية المصاحبة.

ودعت منظمات أوروبية وأممية بولندا إلى مراجعة سياساتها الحدودية بما يضمن احترام الحقوق الأساسية للمهاجرين، خصوصًا في ظل التوترات الجيوسياسية وتزايد أعداد الباحثين عن الأمان في دول الاتحاد الأوروبي. 

وطالبت بتوفير آلية رقابة مستقلة على إجراءات التفتيش، وضمان أن جميع عمليات الإبعاد أو المنع من الدخول تتم ضمن إطار قانوني واضح، وبما يراعي الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين.

تشديد الرقابة أم تآكل الحقوق؟

بينما تخطط الحكومة البولندية للاستمرار في تطبيق هذه الإجراءات حتى 5 أغسطس المقبل، يتواصل الجدل الداخلي والدولي حول جدوى وفعالية هذه السياسات. 

ويخشى الحقوقيون من أن تؤدي هذه الخطوات إلى ترسيخ نهج أوروبي أكثر قسوة تجاه اللاجئين، على حساب القيم التي تأسس عليها الاتحاد، مثل الكرامة الإنسانية والتضامن.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية