اليوم الدولي لنيلسون مانديلا.. احتفاء بزعيم ألهم العالم بالدفاع عن الحقوق والحريات

يحتفل به 18 يوليو من كل عام

اليوم الدولي لنيلسون مانديلا.. احتفاء بزعيم ألهم العالم بالدفاع عن الحقوق والحريات
تمثال نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا

في الثامن عشر من يوليو من كل عام، يحتفل العالم باليوم الدولي لنيلسون مانديلا، وهو اليوم الذي يصادف ذكرى ميلاد الزعيم الجنوب إفريقي التاريخي نيلسون روليهلاهلا مانديلا (1918– 2013)، ويُعد مناسبة عالمية لتجديد الالتزام بالقيم التي نذر لها حياته، وفي مقدمتها العدالة والمساواة وحقوق الإنسان والسلام.

واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم رسميًا في نوفمبر 2009، وبدأ الاحتفال به عالميًا منذ عام 2010، استجابةً لدعوة مانديلا الأجيال الجديدة لتحمل مسؤولية معالجة الظلم الاجتماعي، حين قال: "الأمر بين أيديكم الآن"، وهو نداء لا يزال يتردد حتى يومنا هذا، ويكسب أهمية متجددة في ظل الأزمات المتفاقمة حول العالم.

في هذا عام 2025، ترافقت الذكرى مع كلمة مؤثرة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، شدد فيها على أن "حياة مانديلا الاستثنائية بيّنت كيف يمكن لشخص واحد أن يحوّل القمع والنضال إلى مصالحة وعدالة اجتماعية ووحدة"، مؤكداً أن إرثه يشكل نداءً عالميًا لمواصلة النضال من أجل الكرامة الإنسانية والعدالة والمساواة.

ويذكرنا موضوع هذا العام بأننا "جميعاً لدينا القدرة على التخلص من الفقر واللامساواة"، مستلهمين من مانديلا إيمانه العميق بقدرة الشعوب على إحداث التغيير، ليس من قصور الحكم بل من قلب المجتمعات المحلية والأحياء المهمشة.

67 دقيقة من العمل

يتميز هذا اليوم بتقليد عالمي رمزي يعكس إرث مانديلا في الخدمة العامة، إذ يُطلب من كل فرد في العالم تخصيص 67 دقيقة من يومه في مساعدة الآخرين، وهو عدد السنوات التي كرسها مانديلا للنضال من أجل العدالة الاجتماعية، سواء في ميادين المقاومة أو على رأس الدولة أو في العمل الإنساني بعد تقاعده السياسي.

وُلد نيلسون مانديلا عام 1918 في قرية صغيرة تدعى "مفيزو" بشرق جنوب أفريقيا، ضمن عشيرة "زوسا"، وعُرف باسم "ماديبا" وهو اسم الاحترام العشائري، انخرط مبكرًا في النضال السياسي ضد نظام الفصل العنصري، وانضم إلى "المؤتمر الوطني الأفريقي" عام 1944، وسرعان ما أصبح من أبرز وجوه المقاومة السلمية والمدنية.

وفي عام 1964، حكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهم تتعلق بمحاولة تقويض النظام السياسي القائم، وقضى 27 عامًا في السجن، منها 18 عامًا في سجن روبن آيلاند، ورغم المعاناة الشخصية والعزلة، خرج مانديلا من السجن حاملاً رسالة مصالحة وسلام، وليس انتقام، ليقود جنوب إفريقيا إلى أول انتخابات ديمقراطية متعددة الأعراق في عام 1994، ويصبح أول رئيس أسود للبلاد.

نضال تحوّل إلى أيقونة عالمية

لم يكن مانديلا مجرد رئيس أو مناضل، بل أصبح رمزًا عالميًا للمقاومة اللاعنفية والتحول الديمقراطي، وقاد بلاده في مرحلة انتقالية صعبة، ركز خلالها على محاربة الفقر، وبناء المساكن، وتعزيز المصالحة الوطنية.

كما أسهم في تعزيز صورة جنوب إفريقيا كمثال عالمي في تجاوز الانقسامات العرقية عبر الحوار والعدالة الانتقالية.

يُكرّم مانديلا عالميًا بعدد من التماثيل والنُصب التذكارية، أبرزها تمثاله في "ميدان نيلسون مانديلا" في جوهانسبرغ، و"جسر نيلسون مانديلا" في المدينة ذاتها، كما طُبعت صورته على الطوابع، وخلّده الفنانون في الأغاني والأعمال الدرامية والموسيقية.

جائزة نيلسون مانديلا 2025

تُمنح جائزة نيلسون مانديلا من قبل الأمم المتحدة كل خمس سنوات، تكريماً لأشخاص أفنوا حياتهم في خدمة الإنسانية وفقًا لمبادئ مانديلا، وقد أعلنت لجنة الاختيار التابعة للأمم المتحدة عن منح جائزة عام 2025 لـ برندا رينولدز من أمة السولتو في كندا، ولـ كينيدي أوديْدي من كينيا، تكريماً لإسهاماتهما في العدالة الاجتماعية والتنمية المجتمعية، وسيُكرّم الفائزان في الاحتفال الرسمي للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 18 يوليو 2025.

تتجاوز رمزية يوم نيلسون مانديلا الاحتفال بشخصية سياسية، فهو مناسبة عالمية لإعادة توجيه البوصلة الأخلاقية والسياسية نحو المصالحة والعدالة وحقوق الإنسان، وهو دعوة للأفراد والحكومات والمجتمع المدني لتحمّل مسؤوليتهم الجماعية في بناء عالم أكثر عدالة ومساواة.

وكما قال مانديلا ذات يوم على منصة المحكمة قبل الحكم عليه: "إنني أعتز بالمفهوم المثالي للديمقراطية وحرية المجتمع، حيث يحيا جميع الأشخاص في تناغم وحقوق متساوية.. إنها المثالية التي أحلم أن أحيا من أجلها.. وإن دعت الحاجة، فأنا مستعد للموت من أجلها".

وفي ذكرى ميلاده الـ107، لا يزال مانديلا يعيش في ضمير الإنسانية، ويشكّل هذا اليوم فرصة لنستلهم من إرثه ما يساعدنا على بناء عالمٍ لا يُقصي أحدًا، ولا يُجَوِّع إنسانًا، ولا يُصادر حرية، ولا يُهمّش جماعة، إنها مناسبة للتأمل، والالتزام، والفعل. فكما قال مانديلا نفسه: "الأمر بين أيديكم الآن.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية