شرق إفريقيا على صفيح ساخن.. ناشطون يقاضون حكومات بتهم التعذيب والترحيل القسري

شرق إفريقيا على صفيح ساخن.. ناشطون يقاضون حكومات بتهم التعذيب والترحيل القسري
الناشط في مجال حقوق الإنسان بونيفاس موانغي والناشط الأوغندي أغاثير أتوهايري في مؤتمر صحفي مشترك في نيروبي عقب احتجازهما من السلطات التنزانية

في خطوة جريئة تكشف عمق التوتر المتصاعد بين السلطات والنشطاء في شرق إفريقيا، تقدمت الناشطة الأوغندية أغاثر أتواير والناشط الكيني بونيفيس موانغي بدعوى قضائية أمام محكمة شرق إفريقيا، اتهموا فيها حكومات كينيا وأوغندا وتنزانيا، إضافة إلى الأمين العام لمجموعة شرق إفريقيا، بارتكاب انتهاكات جسيمة بحقهم.

تعود جذور القضية إلى حادثة وقعت قبل أسابيع، عندما تم احتجاز النشطاء في مطار دار السلام أثناء توجههم لحضور محاكمة زعيم المعارضة التنزاني توندو ليسو، المتهم بالخيانة، ليتم لاحقًا ترحيلهم قسرًا إلى نيروبي دون تقديم أي مبررات قانونية، في خطوة وصفها النشطاء بأنها جزء من "ممارسات قمع ممنهجة" لا تقتصر على دولة واحدة، بل تمتد لتطول كل من يجرؤ على مراقبة السلطة أو انتقادها.

دعوى قضائية بمطالب غير مسبوقة

في الدعوى التي تقدم بها النشطاء، طالبوا بتعويضات تصل إلى مليون دولار لكل منهم، إضافة إلى اعتذارات رسمية من الحكومات المعنية ودعم نفسي وتأهيلي، في محاولة لتسليط الضوء على خطورة الانتهاكات التي تعرضوا لها، والتي شملت -بحسب مزاعمهم- التعذيب، والعنف الجنسي والاحتجاز القسري.

اعتقال جديد يزيد من تعقيد المشهد

بعد أيام قليلة من الإعلان عن الدعوى، اعتقلت قوات من إدارة التحقيقات الجنائية الكينية الناشط بونيفيس موانغي من منزله في منطقة لوكينيا بمحافظة ماتشاكوس، بتهم ثقيلة تتعلق بـ"الإرهاب والحرق"، وهي تهمٌ وصفها مراقبون بأنها تحمل طابعًا سياسيًا أكثر مما هي قضائية، خاصة أن الاعتقال تزامن مع تفتيش منزله ومكتبه في نيروبي ومصادرة معدات إلكترونية وأجهزة حاسوب.

هذا التطور أثار موجة واسعة من الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عدَّ ناشطون هذه الممارسات أنها ليست سوى محاولة إضافية لإسكات الأصوات المعارضة وترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان.

تضييق متكرر على النشطاء

ليست هذه المرة الأولى التي تُستخدم فيها الحدود الوطنية أداةً لمنع مراقبة الانتهاكات أو التضامن مع المعارضين، فقد سبق للسلطات التنزانية أن رحّلت شخصيات حقوقية وسياسية بارزة، من بينها القاضي الكيني السابق ويلي موتونغا، وزعيمة المعارضة مارثا كاروا، والناشطان بونيفيس موانغي وحسين خالد، أثناء محاولتهم حضور جلسة سابقة لمحاكمة ليسو.

هذه الوقائع ترسم صورة مقلقة عن نمط متكرر من استخدام القوانين والسيادة الوطنية ذريعةً لإبعاد الناشطين والمراقبين المستقلين.

انكماش مساحة الحريات في شرق إفريقيا

تعيش منطقة شرق إفريقيا في السنوات الأخيرة على وقع تضييق متزايد على الحريات العامة. تقارير منظمات دولية، مثل "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية"، وثقت ممارسات قمعية شملت حظر المظاهرات السلمية، وإغلاق وسائل إعلام مستقلة، واستهداف الصحفيين والمدونين بتهم فضفاضة مثل "الإرهاب" أو "تهديد الأمن القومي".

وتشير إحصاءات حديثة إلى أن أكثر من 60 ناشطًا وصحفيًا في المنطقة تعرضوا للاعتقال أو المضايقة القانونية خلال العام الماضي فقط، في مؤشر خطير على انحسار الحريات الديمقراطية.

مفارقة الشعارات والواقع.. أين التزامات المواثيق الإقليمية؟

تأسست مجموعة شرق إفريقيا بهدف تعزيز التعاون الإقليمي واحترام مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، إلا أن الوقائع على الأرض تُظهر تناقضًا صارخًا بين هذه الشعارات والممارسات الفعلية، حيث تُستغل القوانين الأمنية لتكميم الأفواه وإبعاد المعارضين، بدلًا من حماية حرية التعبير والتجمع السلمي.

يُعد بونيفيس موانغي واحدًا من أبرز الأصوات الناقدة للسلطة في كينيا، حيث عرف بمشاركته في حملات توعية ضد الفساد والعنف السياسي. اعتقاله الأخير لم يكن الأول؛ إذ سبق أن واجه تهديدات واعتداءات جسدية بسبب نشاطه الحقوقي، ما يجعله رمزًا لتحدي الخوف والمطالبة بحماية الحقوق الأساسية.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية