أزمة تعليمية في طهران.. اكتظاظ الفصول ومخاطر حرمان المهاجرين من الدراسة
أزمة تعليمية في طهران.. اكتظاظ الفصول ومخاطر حرمان المهاجرين من الدراسة
أشار المدير العام للتعليم في طهران، المسؤول التربوي مجيد بارسا، إلى أن مدارس العاصمة الإيرانية تواجه أزمة اكتظاظ غير مسبوقة، مؤكدًا حاجتها الماسة إلى أكثر من سبعة آلاف فصل جديد للوصول إلى المستوى المعياري المعتمد، وضمان بيئة تعليمية مناسبة للطلاب.
وأكد بارسا أن الكثافة الطلابية في فصول طهران تبلغ في المتوسط 33 طالبًا، مقابل 26 طالبًا على المستوى الوطني، ما يعكس فجوة كبيرة بين العاصمة وبقية المحافظات، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم الثلاثاء.
وأضاف أن نحو 804 مدارس في طهران تحتاج إلى الهدم وإعادة البناء، رغم أن أغلبها ما زال قيد الاستخدام بعد اتخاذ إجراءات مؤقتة لتعزيز مقاومتها.
مصدر يكشف أبعاد الأزمة
أفاد مراسل صحيفة "شرق" الإيرانية بأن هذه التصريحات تأتي في وقت يواجه فيه نظام التعليم الإيراني تحديات هيكلية متراكمة، تشمل نقص البنية التحتية التعليمية، وارتفاع عدد الطلاب الأجانب، وارتفاع تكاليف التعليم في المدارس الخاصة.
وأوضح أن مؤسسة تجديد المباني المدرسية أكدت سلامة بعض المدارس ظاهريًا، لكنها أوصت بخطط طويلة الأمد لإعادة الإعمار، وهو ما يتطلب ميزانيات ضخمة وجهودًا مستمرة من الدولة.
وكشف بارسا أن هناك نحو 60 ألف طالب أجنبي، معظمهم من المهاجرين الأفغان، مسجلين في مدارس طهران، مشيرًا إلى أن تسجيلهم بدأ منذ 6 أغسطس الجاري ويستمر حتى نهاية سبتمبر المقبل، وفق تعليمات وزارة الداخلية التي تشترط تقديم وثائق هوية معتمدة.
وأشار إلى أن انخفاض عدد هؤلاء الطلاب مقارنة بالعام الماضي سيؤدي حتمًا إلى تخفيف الضغط على الفصول الدراسية، لكن في المقابل، أوضحت تقارير "شرق" أن آلاف الطلاب الأفغان، بمن فيهم المولودون في إيران، باتوا مهددين بالحرمان من حقهم في التعليم بسبب تعديلات جديدة على لوائح التسجيل، تحد من الوثائق المقبولة وتستبعد من لا يملكون أوراقًا رسمية.
خلفية عن أوضاع المهاجرين
تواجه إيران منذ سنوات تدفقًا مستمرًا للمهاجرين الأفغان الفارين من الأزمات السياسية والاقتصادية في بلادهم، وبحسب منظمات حقوقية، يشكل هؤلاء الأطفال نسبة كبيرة من الفئة العمرية الدراسية في بعض المدن.
ورغم أن الدستور الإيراني يكفل حق التعليم للجميع، فإن السياسات المتشددة الأخيرة تثير مخاوف من تهميشهم وإقصائهم عن النظام التعليمي، ما قد يؤدي إلى زيادة معدلات التسرب المدرسي والعمالة المبكرة.
وأكد بارسا وجود مخالفات في عملية تسجيل الطلاب، أبرزها فرض رسوم إضافية غير قانونية في المدارس الحكومية والخاصة، وتعهد باتخاذ إجراءات حازمة لإعادة الرسوم الزائدة إلى أولياء الأمور، تنفيذًا لقرارات مجلس الإشراف على المدارس.
وفي السياق، أعلن رئيس منظمة المدارس غير الحكومية، المسؤول التعليمي أحمد محمود زاده، في 8 أغسطس، تحديد سقف الرسوم للعام الدراسي الجديد عند 145 مليون تومان للمرحلة الثانوية، و95 مليونًا للإعدادية، و91 مليونًا للابتدائية، دون احتساب تكاليف مثل الطعام، والزي المدرسي، وخدمات النقل، التي تُترك لتقدير المدارس وفق أسعار السوق.
أزمة متعددة الأبعاد
تعكس هذه التطورات أن أزمة التعليم في طهران ليست مجرد مشكلة بنية تحتية أو نقص في الفصول، بل هي أزمة متعددة الأبعاد تشمل ضغوطًا ديموغرافية نتيجة الهجرة، وسياسات تقييدية تمس حق التعليم، وعبئًا ماليًا يرهق الأسر، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي في إيران.
ويرى خبراء أن حل هذه الأزمة يتطلب خطة شاملة تدمج بين إعادة بناء المدارس، وإصلاح السياسات التعليمية، وضمان المساواة في فرص التعليم لجميع الأطفال، بغض النظر عن جنسيتهم أو أوضاعهم القانونية.