في اليوم العالمي للعمل الإنساني.. مقتل 383 من عمال الإغاثة في 2024

في اليوم العالمي للعمل الإنساني.. مقتل 383 من عمال الإغاثة في 2024
الأمم المتحدة- أرشيفية

شهد العالم خلال السنوات الأخيرة تصاعداً غير مسبوق في الاعتداءات على العاملين في المجال الإنساني، أولئك الذين يغامرون بحياتهم لإنقاذ الأرواح وتقديم المساعدة للمدنيين المحاصرين في بؤر الصراعات والكوارث. 

ومع حلول اليوم العالمي للعمل الإنساني هذا العام، جاءت الأرقام التي أعلنتها الأمم المتحدة لتكشف عن حصيلة دامية في 2024، حيث قُتل مئات من عمال الإغاثة، معظمهم في مناطق النزاعات الأكثر دموية مثل غزة والسودان. 

هذه الحصيلة لا تعكس فقط حجم الخطر الذي يواجهه هؤلاء، بل تفضح أيضاً هشاشة القوانين الدولية حين تُترك بلا تطبيق، لتصبح حياة المنقذين أنفسهم على المحك.

ضحايا العمل الإنساني

أعلنت الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، أن عام 2024 سجّل رقماً قياسياً غير مسبوق في ضحايا العمل الإنساني، مع مقتل 383 من العاملين في هذا المجال حول العالم، نصفهم تقريباً في قطاع غزة. 

واعتبرت المنظمة الدولية أن هذا الرقم المروّع يشكل "إدانة مخزية" تستوجب وقف حالة الإفلات من العقاب التي تحيط بالاعتداءات على الطواقم الإنسانية.

وأوضح مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في بيان رسمي، أن عدد القتلى ارتفع بنسبة 31% مقارنة بعام 2023، مشيراً إلى أن السبب الرئيسي يعود إلى الصراع المتواصل في غزة الذي أودى بحياة 181 عاملاً إنسانياً، وإلى الحرب في السودان حيث خسر 60 من عمال الإغاثة حياتهم. 

وأكد المكتب أن العنف ضد الطواقم الإنسانية اتسع نطاقه في 21 دولة خلال عام 2024، وحمّل "الجهات الحكومية" المسؤولية الأكبر عن تلك الانتهاكات.

إصابات واختطاف واعتقالات

كشف البيان أن الاعتداءات لم تقتصر على القتل، بل طالت أشكالاً أخرى من العنف، إذ أصيب 308 من العاملين الإنسانيين بجروح متفاوتة، فيما جرى اختطاف 125 آخرين واعتقال 45 خلال العام ذاته. 

ورأى المكتب أن هذه الأرقام تعكس حجم المخاطر اليومية التي يواجهها العاملون في الميدان، سواء أثناء تأدية واجبهم أو حتى في منازلهم، حيث استُهدف العديد منهم مع أسرهم.

وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم الثلاثاء، من المخاطر المتزايدة التي يتعرض لها العاملون في المجال الإنساني حول العالم، مؤكداً أنهم يمثلون "شريان الحياة الأخير" لأكثر من 300 مليون إنسان عالقين بين أزمات الحروب والكوارث الطبيعية.

وأوضح غوتيريش في رسالة رسمية نُشرت عبر موقع الأمم المتحدة، أن المنظمة الدولية تتابع بقلق بالغ ارتفاع أعداد ضحايا الهجمات ضد الطواقم الإنسانية. 

وذكّر غوتيريش بأن مجلس الأمن الدولي كان قد وضع مسارات قانونية لحماية العاملين في المجال الإنساني، كما التزمت الحكومات في مؤتمرات سابقة باتخاذ إجراءات رادعة، غير أن غياب الإرادة السياسية والشجاعة الأخلاقية، على حد وصفه، لا يزال يحول دون تنفيذ تلك الالتزامات.

حماية المدنيين وموظفي الإغاثة

من جانبه، أكد منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، توم فليتشر، أن "هجوماً واحداً على زميل في المجال الإنساني هو هجوم علينا جميعاً وعلى الأشخاص الذين نخدمهم". 

ورأى أن تكرار الهجمات دون أي مساءلة يعد "إدانة مخزية للتقاعس الدولي"، داعياً الحكومات وأصحاب النفوذ إلى التحرك الفعلي لحماية المدنيين وموظفي الإغاثة، ومحاسبة الجناة وعدم تركهم يفلتون من العقاب.

وشدد فليتشر على أن "العنف ضد عمال الإغاثة ليس قدراً محتوماً ويجب أن ينتهي"، مؤكداً أن حماية الطواقم الإنسانية تمثل مسؤولية مشتركة تقع على عاتق المجتمع الدولي بأسره، ورأى أن مواجهة هذا التحدي تتطلب إرادة سياسية حقيقية، وشجاعة أخلاقية تضع حياة المدنيين والعاملين في مقدمة الأولويات.

بداية مقلقة لعام 2025

أفاد "أوتشا"، بأن الأشهر الأولى من عام 2025 لم تُظهر أي مؤشر على تراجع هذا الاتجاه، إذ قُتل حتى 14 أغسطس ما لا يقل عن 265 من عمال الإغاثة حول العالم. 

ورأت المنظمة أن استمرار التصعيد يعكس فشلاً خطيراً في تطبيق القانون الإنساني الدولي الذي ينص بوضوح على وجوب حماية العاملين في المجال الإنساني وعدم استهدافهم في أي ظرف.

وأشارت منظمة الصحة العالمية من جانبها إلى أنها وثّقت أكثر من 800 اعتداء على الخدمات الصحية في 16 منطقة منذ بداية العام، أدت إلى مقتل أكثر من 1110 من العاملين في المجال الطبي والمرضى، وإصابة المئات. 

وحذرت المنظمة من أن "كل اعتداء يخلّف أثراً مدمراً طويلاً"، إذ يحرم مجتمعات بأكملها من الرعاية الصحية المنقذة للحياة، ويقوّض أنظمة صحية تعاني أصلاً من الإنهاك بفعل النزاعات والأزمات الممتدة.

يوم العمل الإنساني

يُحيي العالم في 19 أغسطس من كل عام اليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي استُحدث تخليداً لذكرى مقتل 22 من موظفي الأمم المتحدة، بينهم الممثل الخاص سيرجيو فييرا دي ميلو، في الهجوم على مقر المنظمة بفندق القناة في بغداد عام 2003. 

ومنذ ذلك التاريخ بات اليوم مناسبة للتذكير بالتضحيات الكبيرة التي يقدمها عمال الإغاثة، والواجب الأخلاقي والإنساني الذي يقع على عاتق الجميع لحمايتهم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية