مأساة خلف جدران البيوت.. حوامل يعانين بين الألم والصمت في إيران
مأساة خلف جدران البيوت.. حوامل يعانين بين الألم والصمت في إيران
تتجلى مأساة العنف ضد الحوامل في شرق كردستان وإيران كواحدة من أكثر الظواهر إيلاماً وصمتاً، ورغم أن الحمل يفترض أن يكون مرحلة احتضان وحماية، تكشف شهادات نساء عن معاناة جسدية ونفسية تنتهي أحياناً بفقدان الجنين، في ظل عوائق ثقافية واجتماعية تجبر النساء على الصمت والخضوع.
ووفق تعريف الأمم المتحدة، فإن أي فعل عنيف قائم على النوع الاجتماعي يؤدي إلى ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي، يدخل ضمن دائرة العنف ضد المرأة، وهو واقع يتكرر في مناطق تعتبر فيه مواجهة العنف أمراً شائناً، لكنه حاضر بقوة، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الجمعة.
شيرين (اسم مستعار)، في منتصف العمر وأم لطفل، تتذكر لحظة فقدان حملها الأول بعد ليلة دامية.. تقول: "عاد زوجي غاضباً من زيارة عائلية، وبدأ يضربني حتى سمعت صراخي والدتي وأختي.. حاولتا إنقاذي لكنه اعتدى عليهما أيضاً".
"خرجت إلى الشارع وأنا أنزف وطلبت المساعدة.. تلك الليلة فقدت جنيني"، تضيف بأسى.
رغم معاناتها، لم تحصل شيرين على رعاية طبية، وبفعل ضغط العائلة والعادات، عادت إلى بيت الزوج بعد ثلاثة أيام فقط.
عنف بلا توقف
تشيمن (40 عاماً) عانت بدورها من عنف مستمر، تقول بحزن: "كنت في الشهر السابع من حملي الأول، حاولت منعه من مغادرة المنزل، فركلني بقوة من الخلف وترك البيت.. بقيت أسبوعاً أعاني من الكدمات والتشنجات من دون أن يأخذني إلى الطبيب، ولم أشعر يوماً أنه ندم".
قصص أخرى تكشف عن مأساة تتضاعف حين تغيب شبكات الدعم. هانا (27 عاماً) تزوجت طفلة وعاشت وحيدة في مواجهة قسوة عائلة الزوج. تروي أنها تعرضت للاغتصاب والضرب أثناء الحمل، ما أدى إلى تمزق كيس الجنين وفقدان الطفل بعد ساعات طويلة من النزيف.
تقول: "حتى عندما شرحت لحماتي ما يحدث، اعتبرت الأمر طبيعياً.. الطبيب قال يمكنني تقديم شكوى، لكن إلى أين كنت سأذهب؟".
وفي حمل لاحق، لم تتعرض للضرب، لكن زوجها أهملها تماماً، ورفض حتى زيارة المستشفى عند ولادة طفلة.
أرقام صادمة وصمت ثقيل
تشير دراسات محلية إلى أن نحو 82.8% من النساء الحوامل في إيران تعرضن لشكل من أشكال العنف، في حين يقدّر متوسط الأبحاث أن نصف الحوامل تقريباً يواجهن عنفاً منزلياً بدرجات متفاوتة.
تقول الاختصاصية الاجتماعية غزال. ض: "الكثير من النساء لا يعرفن أصلاً أن ما يتعرضن له يُعتبر عنفاً.. وحتى إذا تدخلنا، يواجهنا الأزواج بعدائية.
وفي النهاية، تُجبر النساء الحوامل على قبول أوضاع قاسية خوفاً من المجتمع أو من المجهول بعد الطلاق".
وبين الصمت المفروض والخوف من الوصمة الاجتماعية، تبقى حكايات الحوامل ضائعة في شرق كردستان وإيران. نساء يفقدن الأجنة، وأخريات يواصلن الحمل وسط الضرب والإهانات، في حين تظل الملاجئ قليلة والوعي غائباً، لتتحول الأمومة التي كان يفترض أن تكون أملاً، إلى ساحة عنف وانكسار.