مقهى مخصص للنساء.. "فلورا" فضاء آمن يتجاوز القيود الاجتماعية بالجزائر

مقهى مخصص للنساء.. "فلورا" فضاء آمن يتجاوز القيود الاجتماعية بالجزائر
مقهى للنساء- أرشيف

لم تكن بوسنينة سمية، خريجة البيولوجيا وحاملة شهادة ماجستير، تتصور أن طريقها سيقودها من العمل خمس سنوات في أحد المخابر الطبية، إلى افتتاح مقهى مخصص للنساء فقط في مدينتها سطيف. 

حلم ظل مؤجلاً بسبب الخوف من فشله ورفض المجتمع لفكرته، قبل أن يتحقق تحت اسم "فلورا"، ليمنح المرأة مكاناً للتعبير عن نفسها بحرية بعيداً عن صخب الحياة اليومية، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الأربعاء.

حتى وقت قريب، كان ارتياد المرأة الجزائرية للمقاهي يُنظر إليه باعتباره خروجاً عن المألوف، خاصة في المدن المحافظة، لكن مبادرات مثل "فلورا" أسهمت في تطبيع وجود النساء في الفضاءات العامة. 

تقول سمية: "الإقبال في البداية كان ضعيفاً بسبب العادات، لكن مع مرور الوقت تغيّرت النظرة، وساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لهذه الفضاءات حتى أصبحت أكثر رواجاً وتجاوزت الحاجز الاجتماعي".

مقهى بروح ثقافية

المكان لا يشبه المقاهي التقليدية.. ألوان ناعمة، أزهار في كل زاوية، وأجواء منزلية مريحة، تجعل من "فلورا" مساحة للنقاش الثقافي والاجتماعي، ولتنظيم أمسيات وفعاليات تتخللها أطباق جزائرية مرتبطة بالمناسبات الدينية مثل "طمينة المولد". 

أما وجبة البرنش، فقد أصبحت عنواناً للقاءات النساء اللاتي يتنوع حضورهن بين أكاديميات، وطالبات، طبيبات، وماكثات في البيوت.

ترى سمية أن المقهى يمكن أن يتحول إلى فضاء للتعلم والكتابة، إذ لاحظت أن كثيراً من النساء يقضين ساعات في الكتابة أو المطالعة. 

لذا تفكر في تخصيص زوايا كمكتبات صغيرة تدعم هذا التوجه: "بعض الزبونات يكتبن روايات أو دراسات نقدية، ومن هنا وُلدت فكرة تحويل المقهى إلى فضاء إبداعي أيضاً".

موجة نسائية صاعدة

"فلورا" ليست وحدها.. فقد شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة مبادرات مشابهة: في بريكة ظهر "مقهى كتاب" الذي صار ملتقى للشاعرات والكاتبات، وفي عنابة "لمة الأحباب" الذي يحيي التراث المحلي، بينما تميز "المائدة الجيجلية" في جيجل بتقديم أطباق تجمع بين التقليدي والعصري مثل الكسكسي بالسمك والدويدة.

هذه الفضاءات النسائية، كما تؤكد سمية، تحمل رسالة مزدوجة: تمكين المرأة من دخول مجال ظل حكراً على الرجال، وكسر القيود الاجتماعية التي لطالما كبّلت حضورها في الفضاء العام. 

تقول: "الأمر ليس مجرد مقهى، بل خطوة نحو استعادة المرأة حقها في الوجود بحرية، في مجتمع لا يزال يحكمه الكثير من الأعراف التقليدية".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية