الكويت تستعرض إنجازاتها.. إصلاحات تشريعية وتوصيات دولية لتعزيز الحريات وحماية العمال
الكويت تستعرض إنجازاتها.. إصلاحات تشريعية وتوصيات دولية لتعزيز الحريات وحماية العمال
عقد الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل دورته التاسعة والأربعين في الفترة من 28 أبريل إلى 9 مايو 2025. واستعرضت الحالة في الكويت، واعتمد الفريق العامل التقرير المتعلق بها في جلسته الخامسة عشرة المنعقدة في 7 مايو، فيما اختار مجلس حقوق الإنسان فريق المقررين من بنين، وإستونيا، والتشيك.
وبحسب التقرير الذي اطلع «جسور بوست» على نسخة منه، والمقرر عرضه خلال الدورة الـ60 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والتي تتواصل فعالياتها حتى أكتوبر 2025، قدمت الكويت نفسها كدولة توازن بين التمسك بسيادتها الثقافية والانفتاح على المعايير الدولية، في وقت تواصل فيه تنفيذ إصلاحات تشريعية ومؤسسية طموحة لتعزيز منظومة حقوق الإنسان، وسط تحديات تتعلق أساسًا بوضع العمالة الوافدة و"البدون" وحرية التعبير.
إصلاحات تشريعية ومؤسسية
وأفاد التقرير الكويتي بأن الدولة شرعت في مراجعة شاملة وجريئة لكل القوانين السارية والبالغة 983 قانونًا، من المتوقع أن يشمل التعديل نحو 10% منها، في خطوة وصفت بـ"التاريخية" لمواءمة التشريعات مع المتغيرات الدولية والاحتياجات المجتمعية.
وأبرز التقرير عددًا من القوانين الجديدة التي تم إقرارها، ومنها تعديل المادة 153 من قانون الجزاء لتعزيز المساواة بين الجنسين. ورفع السن القانونية للزواج إلى 18 عامًا، وتعديل المادة 30 من قانون الجزاء للاعتراف بحق الأم في الموافقة على الإجراءات الطبية لأطفالها مساواة بالأب، وإقرار قانون الحماية من العنف الأسري (رقم 16 لسنة 2020)، وإنشاء مراكز متخصصة للضحايا وخط ساخن للإبلاغ. وتشديد العقوبات على جريمة الاتجار بالبشر عبر مرسوم بقانون رقم 114 لسنة 2024، بهدف دعم حماية العمال.
وتحدث التقرير عن خطوات مؤسسية مكملة، مثل إنشاء مكتب متخصص لمكافحة الاتجار بالأشخاص، ومكتب مستقل للتعاون الدولي وحقوق الإنسان، وتعزيز آليات التنسيق القضائي لمعالجة جرائم انتهاك الحقوق.
تمكين المرأة وإنجازات رقمية
وركز التقرير على المكانة المتقدمة التي وصلت إليها المرأة الكويتية، مشيرًا إلى أنها تشكل 58% من إجمالي القوى العاملة الوطنية، وتمثل 48% من العاملين في القطاع الأهلي و60% في القطاع الحكومي، كما بلغت نسبة المحاميات 48%، وتشغل ثلاث نساء مناصب وزارية في الحكومة الحالية.
ويبرز في هذا السياق رهان الدولة على تمكين المرأة كركن أساسي في رؤية "كويت جديدة 2035"، مدعومًا بإنشاء لجنة وطنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 (المرأة والسلام والأمن).
ولم يغفل التقرير الإنجاز الرقمي، حيث أبرمت الكويت اتفاقية مع "شركة التكنولوجيا العالمية" لدعم التحول الرقمي الشامل، بهدف تعزيز الشفافية وتحسين مستوى الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين والمقيمين.
تحديات العمالة الوافدة
وبين التقرير أن الحكومة تعمل على تعزيز الضمانات القانونية للفئات الضعيفة، حيث أطلقت خدمات مراكز حماية الطفل لرصد حالات الإساءة، وسنّت مرسومًا بقانون يضمن للأطفال المولودين لأم كويتية وأب غير كويتي (في حالات محددة) التمتع بكامل الحقوق مساواة بأطفال المواطنين.
وفي قطاع العمالة الوافدة، أشار التقرير إلى معالجة أكثر من 120 شكوى، وإصدار 16 ألف تصريح إقامة جديدة للعمال، وتوفير مراكز إيواء تقدم الدعم القانوني والاجتماعي والصحي. ومع ذلك، يظل "نظام الكفالة" واحتجاز جوازات السفر من أبرز الملفات الشائكة التي تواجه انتقادات دولية واسعة.
وتحدث التقرير عن خطوات لتعزيز الحريات العامة، منها إلغاء الرقابة المسبقة بموجب القانون رقم 17 لسنة 2020، ما أسهم في المشاركة في الفعاليات الثقافية واختيار الكويت عاصمة للثقافة الإعلامية العربية 2025، كما نوه بتعديلات على قانون الإجراءات الجزائية للحد من الحبس الاحتياطي في قضايا حرية التعبير.
لكن التقرير لم يُخف استمرار وجود تحديات تتعلق بالقوانين المقيدة لحرية التعبير على الإنترنت وخارجها، مثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات (2015) وقانون المطبوعات والنشر (2006)، والتي طالبت عدة توصيات دولية بتعديلها لضمان التوافق الكامل مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
توصيات دولية وضغوط
وتلقت الكويت عددًا كبيرًا من التوصيات من 115 دولة خلال جلسة الاستعراض. وشكلت هذه التوصيات خريطة طريق للضغط الدولي من أجل إصلاحات أوسع، تركزت في عدة محاور، أبرزها الإلغاء الفوري لنظام الكفالة واستبداله بتصاريح إقامة تمنح العامل حرية التنقل وترك العمل، ومعالجة أوضاع عديمي الجنسية "البدون"، وضمان حصولهم على الحقوق الأساسية في الصحة والتعليم والعمل، ومراجعة قانون الجنسية لتمكين المرأة من نقل جنسيتها لأبنائها مساواة بالرجل.
كما اشتملت التوصيات على إلغاء عقوبة الإعدام، أو على الأقل إقرار وقف اختياري فوري لتنفيذها، تماشيًا مع الاتجاه العالمي، وتعديل القوانين المقيدة لحرية التعبير وتكوين الجمعيات، وضمان بيئة آمنة للمدافعين عن حقوق الإنسان وللمجتمع المدني، والتصديق على اتفاقيات دولية أساسية لم تصادق عليها الكويت بعد، أبرزها الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، والبروتوكولان الاختياريان للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وشجعت التوصيات الكويت على مواصلة تعزيز حقوق المرأة ومكافحة العنف الأسري، وإنشاء مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان وفقًا لمبادئ باريس، وضمان المساواة الكاملة في الكرامة والحقوق لجميع المقيمين على أراضيها.