الأمثال الشعبية الجزائرية.. مرآة ثقافة تعكس نظرة المجتمع إلى المرأة

الأمثال الشعبية الجزائرية.. مرآة ثقافة تعكس نظرة المجتمع إلى المرأة

تعكس الأمثال الشعبية المتداولة في الجزائر نظرة المجتمع إلى المرأة، حيث تمدحها إذا اكتفت بدور ربة البيت المطيعة، لكنها تذمها إن سعت إلى الطموح أو الاستقلالية. 

وتُشكّل هذه الأمثال أحد أبرز أسباب ترسيخ التمييز ضد النساء، إذ تصوّرهن في قوالب جاهزة تحصر أدوارهن وتحدّ من حريتهن، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، الاثنين.

وتُظهر بعض الأمثال قدراً كبيراً من القسوة، مثل القول: "أعط للعمية تكحلك وأعط للبايرة تسحرلك"، الذي يُقارن المرأة التي لم تتزوج بـ"الأرض البور"، أو مثل "المرا بلا ولاد كالخيمة بلا وتد"، ما يعكس تصوراً مفاده أن قيمة المرأة لا تُقاس إلا بإنجاب الذكور.

خطاب يُعزز العقلية الذكورية

ترسّخ هذه الأمثال الشعبية ثقافة تعتبر إنجاب البنات "شؤماً"، فيما يُحتفى بالذكور منذ لحظة ولادتهم حتى وفاتهم، كما يقول مثل شائع: "الطفل يزيد بفرحة ويتزوج بفرحة ويموت قرحة، والطفلة تزيد قرحة وتتزوج قرحة وتموت قرحة".

ويكشف هذا الخطاب كيف تُوظّف الثقافة الشعبية في تكريس تمييز صارخ بين الجنسين، يعيد إنتاج عقلية ذكورية ترى المرأة كائناً تابعاً للرجل.

وتوضح أستاذة علم الأنثروبولوجيا، مليكة حيون مهدي، أن الأمثال الشعبية الجزائرية تحمل "تناقضات وتقاطعات مختلفة"، فهي ترفع من شأن المرأة كأم ومربية، لكنها تُحط من قيمتها إذا حاولت الخروج عن الدور المحدد لها. 

وتضيف أن "المجتمع الجزائري في جوهره مجتمع أبوي ذكوري، يضع الرجل في مركز القيادة، فيما تأتي المرأة في المرتبة الثانية".

وتشير إلى أن هذه الأمثال لا تقتصر على النساء غير المتزوجات أو غير المنجبات فحسب، بل تشمل المطلقات أيضاً، حيث تُوصف المطلقة بأنها "فاشلة"، مثل المثل القائل: "لحم الهجالة مسوس"، في إشارة إلى انعدام قيمتها بعد الطلاق.

مقاومة بالتعليم والعمل

لم تقف النساء مكتوفات الأيدي أمام هذا الإرث الثقيل، بل سعين إلى تغييره عبر التعليم والعمل والإبداع. 

وتوضح الباحثة أن النساء أثبتن قدرتهن على القيادة وحسن إدارة الأزمات، خلافاً لما تقوله الأمثال التي تنتقص من رأي المرأة مثل: "الرأي مليح يوكان مجاش من عند امرأة".

وتضيف أن النساء أصبحن فاعلات في مختلف الميادين، ما دفع إلى إعادة النظر في كثير من الأمثال أو حتى التخلي عنها في المدن الكبرى، حيث تغيّرت الأدوار الاجتماعية، وبرزت المرأة كلاعبة أساسية في الحياة الاقتصادية والسياسية.

تحولات معاصرة

مع مرور الزمن، اكتست الأمثال الشعبية طابعاً مادياً، فلم تعد تقتصر على المرأة فقط، بل شملت جميع جوانب الحياة، ومن الأمثال الحديثة المتداولة: "لي ما عندو الفلوس كلامو مسوس". 

وترى الباحثة أن هذا التحول يعكس تغير الأولويات في المجتمع من القيم التقليدية إلى القيم المادية.

وتختم الأستاذة مليكة حيون مهدي بالقول إن "الأمثال الشعبية جزء من الثقافة الجماعية التي يجب الحفاظ عليها، لكن مع الحذر من تكريس الصور السلبية التي تؤثر على وضعية المرأة وتمنعها من التطور".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية