مجزرة في هايتي.. أكثر من 50 قتيلاً على أيدي العصابات والجثث تنهشها الكلاب
مجزرة في هايتي.. أكثر من 50 قتيلاً على أيدي العصابات والجثث تنهشها الكلاب
كشفت منظمة حقوقية غير حكومية في هايتي وقوع مجزرة مروعة ارتكبها تحالف العصابات المعروف باسم "فيف أنسانم" في بلدة كاباريه شمال العاصمة بورت أو برنس، ما أسفر عن مقتل أكثر من خمسين مدنياً خلال يومي 11 و12 سبتمبر الجاري.
وأكدت "الشبكة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان" في بيان يوم الاثنين أن القتلة تركوا الجثث في العراء لتنهشها الكلاب، في حين لم يتم العثور على عدد من الضحايا حتى 14 سبتمبر وفق فرانس برس.
تهجير وحرائق
التقرير الحقوقي أوضح أن العصابات لم تكتف بقتل المدنيين في هايتي، بل أحرقت عشرات المنازل، ما أجبر العديد من الناجين على الفرار إلى بلدات مجاورة، بعضهم لجأ إلى البحر في قوارب صغيرة، بحثاً عن مخرج من دوامة العنف التي تبتلع البلاد منذ سنوات. سكان حي لابودري، حيث وقعت المجزرة، كانوا هدفاً مباشراً لتحالف "فيف أنسانم" الذي يتهمهم بالتعاون مع الشرطة.
المجلس الرئاسي الانتقالي في هايتي أعرب عن "سخطه العميق" تجاه ما وصفه بـ"الأعمال الوحشية"، مؤكداً أن هذه الجرائم تعكس حجم التحدي الذي تواجهه الدولة في ظل الانهيار الأمني. وبدوره أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة الهجوم، داعياً المجتمع الدولي إلى تعزيز بعثة الدعم الأمني متعددة الجنسيات المنتشرة في هايتي منذ أكثر من عام بقيادة كينيا.
ورغم وجود القوة الدولية، فإنها تعاني من نقص كبير في التمويل والتجهيز، ما يحد من قدرتها على مواجهة العصابات التي تسيطر اليوم على نحو 90% من العاصمة بورت أو برنس، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، وتجعل هذه السيطرة شبه المطلقة للعصابات أي تحرك أمني ضعيف الأثر أمام نفوذها المتصاعد وسلاحها المنتشر.
بلد على حافة الانهيار
هايتي، أفقر دول أمريكا اللاتينية، تعيش منذ سنوات في دوامة من الأزمات المتداخلة: فراغ سياسي، انهيار مؤسسات الدولة، أزمات إنسانية متكررة، وأخطرها تمدد العصابات المسلحة، ومنذ مارس 2024، أحكم تحالف "فيف أنسانم" قبضته على بلدة كاباريه، في حين استقال رئيس الوزراء السابق آرييل هنري تحت ضغط هذه الجماعات التي توسعت سيطرتها لتشمل معظم العاصمة، ودفع الوضع مئات الآلاف إلى النزوح، في حين يعيش الملايين في فقر مدقع وسط تفاقم انعدام الأمن الغذائي والبطالة.
منذ اغتيال الرئيس جوفينيل مويس عام 2021، غرقت هايتي في فوضى سياسية وأمنية غير مسبوقة. ومع استقالة رئيس الوزراء آرييل هنري في أبريل 2024، تشكل مجلس رئاسي انتقالي لإدارة البلاد، لكنه لم ينجح حتى الآن في استعادة السيطرة على الأرض.
تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية، منها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، توثق اتساع نطاق الجرائم التي ترتكبها العصابات: قتل جماعي، اغتصاب، خطف مقابل فدية، وتهجير قسري، وبالرغم من وجود بعثة دعم أمنية بقيادة كينيا منذ عام 2024، فإن غياب التمويل الدولي الكافي جعل هذه القوة عاجزة عن كبح العنف المتصاعد، لتبقى حياة ملايين الهايتيين معلقة على وعود لم تتحقق حتى الآن.