في قلب المأساة.. نساء السودان يدفعن ثمن الحرب وحصار المدن

في قلب المأساة.. نساء السودان يدفعن ثمن الحرب وحصار المدن
أزمة النزوح في السودان- أرشيف

أكدت مشاركات في ندوة رقمية، انعقدت أمس الاثنين، أن هناك تهميشاً متعمداً للتغطية الإعلامية الخاصة بالصراع الدائر في السودان منذ منتصف أبريل 2023، في ظل غياب أي جدية إقليمية أو دولية لوضع حد للأزمة المستمرة.

نظم تحالف "ندى" هذه الندوة عبر منصة "زووم" تحت عنوان "السودان في مرمى الصراع الإقليمي والدولي.. النساء وثمن حصار المدن"، بحسب ما أفادت تقارير حقوقية وإعلامية تابعت النقاشات ونقلتها وكالة “JINHA”، اليوم الثلاثاء. 

وجاءت الندوة في ظل التراجع الواضح للاهتمام الدولي والإقليمي بالقضية السودانية، وشارك فيها عدد من الصحفيات والناشطات، من بينهن الصحفية والمدافعة عن حقوق الإنسان مديحة عبد الله، والناشطة النسوية نهلة يوسف، فيما أدارت الحوار الناشطة صباح آدام.

صراع وتداعيات إنسانية

استعرضت المتحدثات ثلاثة محاور أساسية؛ الأول عن جذور الصراع وتداعياته الإنسانية ضمن الإطار الإقليمي والدولي، والثاني ركّز على الأوضاع المأساوية للنساء، بينما تناول الثالث قضية الحصار والتجويع واستخدام الغذاء كسلاح حرب. 

واعتبرن أن الهدف الأساسي من النقاش هو لفت نظر العالم إلى حجم الكارثة الإنسانية في السودان، التي لم تنل حتى الآن الاهتمام الدولي المطلوب، رغم اتساع رقعة الانتهاكات وتشريد الملايين.

وصفت الصحفية والمدافعة عن حقوق الإنسان مديحة عبد الله الصراع السوداني بأنه من أبشع الأزمات التي شهدها العصر الحديث، مذكّرة بأن السودان، رغم غناه بالموارد الطبيعية وموقعه الاستراتيجي كأكبر ثالث بلد إفريقي، لم ينعم بالاستقرار منذ استقلاله. 

وربطت جذور الأزمة بالسعي الشعبي المتواصل نحو إقامة نظام مدني يحترم الحقوق، غير أن هذا المسار تخلله اندلاع الحرب الأهلية، وانفصال جنوب السودان عام 2011، ثم تصاعد النزاعات في دارفور منذ 2003 وما رافقها من جرائم ضد الإنسانية.

من الثورة إلى الانقسام

أوضحت مديحة عبد الله أن الصراع بين المدنيين والعسكريين فجّر ثورة ديسمبر 2019، لكن التدخلات العسكرية وانقلاب أكتوبر 2021 عرقلتا أي انتقال ديمقراطي. 

ورأت أن تنافس الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على السلطة أدّى إلى انفجار الوضع وتحول البلاد إلى ساحة حرب، حيث فشلت الأطراف في تقديم مصلحة الشعب على مصالحها الخاصة، بينما تزايد التدخل الإقليمي والدولي سعياً وراء الموارد وموقع السودان على البحر الأحمر.

وأشارت مديحة عبد الله إلى أن الصراع الدائر أودى بحياة نحو 150 ألف إنسان وشرّد ملايين آخرين داخل السودان وخارجه، إضافة إلى تدمير واسع للبنى التحتية والمستشفيات والمدارس. 

ونقلت عن تقديرات أممية أن تكلفة إعادة إعمار الخرطوم وحدها قد تصل إلى 300 مليار دولار. 

وحذرت من أن 24 مليون سوداني يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، في ظل تجاهل إعلامي دولي مقارنة بالأزمات في غزة وأوكرانيا.

معاناة تحت الحصار

انتقدت الناشطة النسوية نهلة يوسف ما وصفته بالدور الباهت للإعلام والبلدان العربية في التعامل مع الأزمة، مشيرة إلى أن النساء السودانيات يعشن أوضاعاً مأساوية مضاعفة. 

وأكدت أن أجساد النساء تحولت إلى ساحة صراع وأداة للانتقام، حيث تزايدت جرائم العنف الجنسي، والاستغلال، والتزويج القسري، إضافة إلى حرمانهن من أبسط الحقوق الأساسية كالحق في الغذاء والرعاية الصحية والتعليم.

وكشفت نهلة يوسف أن قوات الصراع استخدمت التجويع كسلاح، حيث حوصرت مناطق واسعة في دارفور وكردفان، ومُنع إدخال المواد الغذائية والطبية. 

وروت أن النساء في بعض المناطق اضطررن إلى أكل الأعلاف، ما أدى إلى إجهاضات ومضاعفات صحية خطيرة. 

وأضافت أن المجازر مثل أحداث وادي صالح وشطاي استهدفت قبائل كاملة عبر الاعتداء على نسائها لكسر إرادة المجتمع ودفع الأهالي للنزوح القسري عن أراضيهم.

تدمير وصمود نسوي

بيّنت نهلة أن استمرار النزاع دمّر البنية الإنتاجية، ومنع النساء في الريف من ممارسة الزراعة، ما فاقم أوضاع الفقر والجوع. 

وأوضحت أن كثيرات ممن حاولن الفرار من المناطق المحاصرة تعرضن للقتل أو الاعتداء الجنسي، فيما قررت أخريات حمل السلاح للدفاع عن أنفسهن وأسرهن. 

ورغم هذه الظروف القاسية، أكدت وجود قصص صمود ومقاومة نسائية في مواجهة التجويع والقهر، رغم التعتيم الإعلامي والتضييق على التوثيق.

دعوة لفتح ممرات آمنة

شددت نهلة يوسف على أن الانتهاكات بحق النساء في السودان ما زالت متواصلة، بدءاً من العنف الجنسي وحتى التمييز ضد النساء ذوات البشرة السوداء. 

وحذرت من أن استمرار التعتيم الإعلامي سيمنح الأطراف المتحاربة غطاءً لمزيد من الجرائم، داعية المجتمع الدولي إلى الاستماع إلى أصوات السودانيات وفتح ممرات إنسانية آمنة، باعتبار أن الصراع تجاوز حدوده المحلية وأصبح أزمة إنسانية عالمية تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية