أزمة للسكان.. ألمانيا تمدد التفتيشات الحدودية لمكافحة الهجرة غير الشرعية
أزمة للسكان.. ألمانيا تمدد التفتيشات الحدودية لمكافحة الهجرة غير الشرعية
فرضت ألمانيا منذ أكثر من عام تفتيشات صارمة على حدودها مع لوكسمبورغ وبلجيكا، بذريعة مكافحة الهجرة غير الشرعية، ورغم أن الحكومة ترى هذه الإجراءات ضرورة أمنية، فإن سكان المناطق الحدودية، خصوصًا في مدينة ترير وما حولها، يرون فيها عبئًا يوميًا يعرقل أعمالهم ويضعف روح اتفاقية شينغن.
آلاف العمال الذين يعبرون الحدود يوميًا من ألمانيا إلى لوكسمبورغ، والتي يعمل فيها أكثر من 50 ألف شخص من الألمان، أصبحوا أسرى ازدحامات خانقة ونقاط تفتيش تستهلك وقتهم وطاقتهم، في حين يطالبون بإنهاء هذه القيود في أقرب وقت.
وقررت وزارة الداخلية الألمانية، برئاسة الوزير ألكسندر دوبريندت من الحزب الاجتماعي المسيحي (CSU)، في 16 سبتمبر 2024، فرض التفتيشات لمدة ستة أشهر.
لكن التمديدات تواصلت حتى سبتمبر الجاري، وأعلن الوزير عزمه على تمديدها مجددًا حتى منتصف مارس 2026.
وخلال هذه الفترة، سجلت الشرطة الاتحادية نحو 4,500 حالة دخول غير شرعي عبر ولايتي راينلاند-بفالتس وزارلاند، معظمهم من فرنسا ولوكسمبورغ وبلجيكا.
وتم ترحيل أكثر من ألف شخص وإلقاء القبض على 159 مهربًا و520 شخصًا مطلوبًا للعدالة، في حين وصفته الشرطة بـ"الصيد الجانبي" للتفتيشات.
انتقادات محلية ودولية
واجهت هذه السياسات انتقادات واسعة من مسؤولين ألمان ولوكسمبورغيين، فقد صرّح ألكسندر شويتسر، رئيس وزراء ولاية راينلاند-بفالتس (SPD)، أن "الهدف يجب أن يبقى الحفاظ على حرية التنقل الأوروبية وعدم تقويض شينغن"، محذرًا من أن التفتيش الدائم يهدد الاقتصاد ويضرب جوهر المشروع الأوروبي.
أما وزير الداخلية في لوكسمبورغ ليون غلودن، فقد اعتبر الإجراءات غير فعالة، مؤكداً أنها "تتنافى مع روح شينغن"، واقترح بدلاً من ذلك تعزيز الرقابة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.
وتقدمت لوكسمبورغ بثلاثة اعتراضات رسمية للمفوضية الأوروبية خلال الأشهر الماضية، لكنها لم تلق استجابة بعد.
معاناة العابرين يوميًا
تحاول الشرطة الاتحادية تبرير الإجراءات بالقول إن "95% من الناس يتفهمون الأسباب الأمنية"، لكنها تعترف في الوقت ذاته بأن كثيرين يعانون من 25 دقيقة إضافية يوميًا على الأقل في رحلاتهم.
وأدى ذلك إلى تغيير جداول العمل لمئات الموظفين وتراجع ثقة السكان في جدوى التدابير.
ورغم إزالة بعض نقاط التفتيش الثابتة مثل تلك الواقعة على الطريق السريع A8 قرب شينغن، فإن نقاطًا أخرى على الحدود مع لوكسمبورغ وبلجيكا لا تزال قائمة، إلى جانب عمليات تفتيش متنقلة ضمن نطاق 30 كيلومترًا.
وتكشف هذه الأزمة التوتر العميق بين هاجس الأمن ومبدأ حرية التنقل، أحد أعمدة الاتحاد الأوروبي، وبينما تصر برلين على أن التفتيشات أداة لمكافحة الهجرة غير النظامية، تحذر لوكسمبورغ وسكان المناطق الحدودية من أن "إغلاق الحدود في العقول" أخطر من الحواجز على الأرض.