العنصرية في الملاعب.. تقرير أممي يفضح أوجه التمييز في الرياضة

العنصرية في الملاعب.. تقرير أممي يفضح أوجه التمييز في الرياضة
أنطوان سيمنيو، مهاجم بورنموث

عقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة دورته الـ60، التي تتواصل فعالياتها في جنيف حتى 8 أكتوبر 2025. 

وفي هذا السياق، قدّم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، تقريرا كشف فيه عن أوجه مقلقة لاستمرار العنصرية والتمييز العرقي في الرياضة، باعتبارها مرآة تعكس الصراعات المجتمعية والانقسامات الثقافية. 

التقرير، الذي اطلع «جسور بوست» على نسخة منه، سلط الضوء على التناقض الصارخ بين القيم التي يُفترض أن تجسدها الرياضة مثل المساواة والتسامح، وبين الممارسات الفعلية التي تشهدها الملاعب والمناسبات الرياضية الكبرى حول العالم.

جرح لا يلتئم

أكد التقرير أن الرياضة، رغم كونها مساحة يفترض أن تعزز التضامن الإنساني واللعب النزيه، ما زالت تعاني من مظاهر متجذرة للتمييز، فقد سجلت المفوضية تزايداً ملحوظاً في حالات الإهانات العنصرية سواء من الجماهير أو حتى من اللاعبين أنفسهم، وصولاً إلى إدارات الأندية والاتحادات التي تتغاضى أحياناً عن ممارسات تنطوي على تمييز ممنهج.

وأشار التقرير إلى أن الملاعب في بعض المناطق ما زالت مسرحاً لشعارات الكراهية ورموزها، وأن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت بدورها ساحة جديدة لتفريغ خطاب التمييز والتحريض ضد الرياضيين المنحدرين من خلفيات إثنية أو دينية معينة.

ويرى تورك أن استمرار هذه الممارسات يهدد بتقويض الدور الإيجابي للرياضة كأداة للاندماج الاجتماعي، ويكرس عوضاً عن ذلك الانقسامات القائمة.

وأشار التقرير إلى أن الفئات الأكثر تضرراً من هذه الانتهاكات هي الأقليات العرقية، والمهاجرون، والنساء، إضافة إلى الأشخاص ذوي الإعاقة، كما لفت إلى أن الأطفال بدورهم يواجهون تمييزاً صريحاً في بعض الأنشطة الرياضية، ما يحرمهم من فرص متكافئة للمشاركة والنمو في بيئة آمنة.

وفق ما ورد في التقرير الأممي، فقد وثقت المفوضية حالات متكررة من الاعتداءات العنصرية خلال البطولات القارية والدولية، بما في ذلك مباريات كبرى شهدت موجات من الشتائم واللافتات المسيئة. 

ورغم أن بعض الدول اتخذت تشريعات لمكافحة هذه الممارسات، فإن الفجوة بين النصوص القانونية والتطبيق العملي ما زالت واسعة، فالتقرير لاحظ أن أكثر من 60 دولة أبلغت عن استراتيجيات وطنية للتصدي للتمييز في الرياضة، غير أن فاعليتها تبقى محدودة أمام حجم الظاهرة وانتشارها.

مسؤولية مشتركة

وشدد تورك في تقريره على أن التصدي للعنصرية في الرياضة لا يقع على عاتق الحكومات وحدها، بل يمتد إلى الهيئات الرياضية الدولية، والاتحادات الوطنية، والأندية، وحتى شركات الرعاية والبث.

وأكد أن على هذه الأطراف تحمل مسؤولياتها لضمان أن تكون الرياضة ساحة متاحة للجميع دون إقصاء أو تمييز، مع تعزيز الشفافية والمساءلة عند وقوع الانتهاكات.

ولم يكتفِ التقرير برصد الانتهاكات بل ناقش أيضاً خطورة تراخي المجتمع الدولي في التعامل معها. فقد أشار إلى أن بقاء هذه الظاهرة دون معالجة جذرية يعرض الملاعب لأن تتحول إلى منصات للكراهية بدل أن تكون ساحات للوحدة والاحترام المتبادل. 

ودعا المفوض السامي إلى تعزيز الشراكات بين الحكومات والاتحادات الرياضية ومنظمات المجتمع المدني لتطوير برامج توعية وتثقيف مستدامة تستهدف الجمهور واللاعبين على حد سواء.

وفي ختام التقرير، قدّم تورك مجموعة من التوصيات للدول الأعضاء والاتحادات الرياضية، داعياً إلى تبني مقاربات شاملة لمكافحة العنصرية والتمييز في الرياضة. فالمطلوب هو تشديد القوانين وتطبيقها بصرامة، وضمان توفير آليات تظلم فعالة للضحايا، إلى جانب حملات توعية جماهيرية تكرس ثقافة الاحترام والمساواة.

وأكد أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب التزاماً سياسياً ومجتمعياً طويل الأمد، يعيد للرياضة دورها كفضاء جامع يكرس القيم الإنسانية، لا كمرآة للانقسامات العرقية والدينية والاجتماعية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية