موجة من التمييز.. مهاجرون يواجهون عنصرية مقنّعة وحقوقاً منقوصة في أوروبا
موجة من التمييز.. مهاجرون يواجهون عنصرية مقنّعة وحقوقاً منقوصة في أوروبا
تتزايد أعداد ضحايا التمييز في أوروبا بمنحنى تصاعدي لافت، وفق تقارير غير رسمية تشير إلى أن الظاهرة لم تعد حالات فردية، بل تحوّلت إلى نمط متكرر يتغذى من خطاب سياسي وإعلامي متشدد.
في قلب هذه الأزمة، يقف المهاجرون وأبناء الأقليات العرقية والدينية كأبرز ضحاياها، يواجهون نظرات الشك والرفض، وأحياناً صمت القانون، بحسب ما ذكرت إذاعة "مونت كارلو الدولية"، الجمعة.
تعمل الناشطة البلجيكية إيلودي هوت مع عدد من المنظمات الأوروبية لتسليط الضوء على تصاعد خطاب التمييز في القارة التي طالما وصفت نفسها بـ"منارة حقوق الإنسان".
تقول هوت بنبرة لا تخلو من القلق: "عندما نتحدث عن التمييز العنصري، نفترض في كثير من الأحيان أن أوروبا محصنة ضده، وأنها أرض المساواة والتضامن.
لكن الواقع يُظهر العكس تماماً.. تضيف هوت: نشهد صعوداً في العنصرية، وتنامي الأحزاب المتطرفة في أنحاء القارة، سواء في فرنسا أو إيطاليا أو بلجيكا".
وتشير إلى أن الانتخابات الأخيرة في عدد من الدول الأوروبية أظهرت ترسخ الفكر اليميني المتطرف، الذي لا يخفي مواقفه العدائية تجاه المهاجرين، ويحوّلهم إلى شماعة للأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
إلى من يلجأ الضحايا؟
في إحدى ورش العمل التي تنظمها هوت للمهاجرين، ارتفعت يد إحدى الحاضرات لتسأل: "في حال تعرض شخص للتمييز، ماذا يفعل؟ هل يذهب إلى الشرطة مباشرة؟"
سؤال بسيط في ظاهره، لكنه يكشف عمق المعضلة التي يعيشها ضحايا العنصرية. كثيرون يخشون التبليغ، إما خوفاً من فقدان وظائفهم أو من تعقيد وضعهم القانوني.
تقول هوت: "القوانين وُضعت لتعزيز المساواة، لكن التحدي الحقيقي هو في جعل الضحايا يعرفون حقوقهم ويثقون بأن القانون سيحميهم.. علينا التأكد من أن قوانين مكافحة التمييز تُطبّق فعلياً، لا أن تبقى حبراُ على ورق".
وجوه وراء الأرقام
تشير تقارير منظمات غير حكومية إلى أن مئات الأشخاص يتعرضون سنوياً لأشكال متعددة من التمييز في بلجيكا، خصوصاً في قطاعي الإسكان والعمل، لكن الأرقام لا تروي القصة وحدها؛ فخلف كل رقم حكاية إنسانية موجعة.
إحدى هذه القصص ترويها سارة، شابة بلجيكية من أصل سوري، وُلدت ونشأت في بروكسل، لكنها رغم كل ذلك لم تنجُ من التمييز.
تقول بصوت متردد: "عندما أصبحت مسؤولة عن الشؤون المالية في عملي، كان من الأصعب أن أكسب الاحترام.. أتذكر يوماً أن أحد الزملاء قال لي: بما أنك من أصل سوري، لماذا يكون لك الحق في الكلام؟ من المفترض أن تكوني الآن إحدى الغرقى في قارب إنقاذ في البحر المتوسط".
تضيف سارة أن الصمت في تلك اللحظة كان أقسى من الكلمات، إذ لم يتدخل أحد للدفاع عنها، لتكتشف أن العنصرية ليست فقط في الإهانة المباشرة، بل في تجاهلها أيضاً.
قوانين بلا أنياب
رغم وجود قوانين أوروبية صارمة تجرّم خطاب الكراهية والتمييز، فإن الواقع يُظهر فجوة واسعة بين النصوص والتطبيق، فإثبات التمييز في القضايا القانونية أمر بالغ الصعوبة، إذ غالباً ما يفتقر الضحايا إلى الأدلة الملموسة، ويواجهون مؤسسات تميل إلى حماية صورتها بدلاً من الاعتراف بخطئها.
تختتم إيلودي هوت حديثها بالقول: "ما لم تتغير العقليات، ستظل المساواة في أوروبا شعاراً جميلاً يختبئ وراءه واقعٌ أكثر قسوة".