النساء في قلب هذه العاصفة.. "آلية الزناد" عقوبات تعصف بالمجتمع الإيراني

النساء في قلب هذه العاصفة.. "آلية الزناد" عقوبات تعصف بالمجتمع الإيراني
إيرانيون في شوارع طهران - أرشيف

فعلت القوى الغربية في الآونة الأخيرة ما يُعرف بـ"آلية الزناد" ضد إيران، وهو الإجراء الذي يعيد تلقائياً العقوبات الشاملة التي سبق أن رُفعت عقب الاتفاق النووي لعام 2015. 

وأدى هذا التطور إلى إثارة مخاوف واسعة من تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية داخل البلاد، حيث تُعد النساء أكثر الفئات تعرضاً للأثر المباشر لهذه العقوبات، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، الجمعة.

وأوضحت تقارير حقوقية أن أي انهيار اقتصادي في إيران ينعكس سريعاً على معيشة الأسر، فتجد النساء أنفسهن في واجهة الأزمة. 

وحملت ناشطات حقوقيات هذه التداعيات مسؤولية إضعاف فرص النساء العاملات في القطاع غير الرسمي أو المشاريع الصغيرة، حيث يتعرضن لخطر فقدان وظائفهن أو دفعهن إلى أسواق عمل محفوفة بالمخاطر، تفتقر إلى الحماية الاجتماعية والضمانات القانونية.

تأثير في التعليم والزواج

أكد خبراء أن قطاع التعليم كان من أوائل القطاعات المتضررة من العقوبات. ودعت منظمات دولية إلى الانتباه لارتفاع نسب تسرب الفتيات من المدارس، خصوصاً في المناطق الريفية والمحرومة. 

ويُجبر الكثير من الأسر على التضحية بتعليم بناتهن لصالح الأبناء، ما يفتح الباب أمام زيجات مبكرة تعيد إنتاج حلقات الفقر وعدم المساواة بين الجنسين. 

وتُظهر دراسات أن هذه الظاهرة برزت بشكل واضح في إيران خلال فترات الأزمات الاقتصادية السابقة.

أزمة في قطاع الصحة

حذرت مصادر طبية من أن العقوبات الجديدة ستؤدي إلى نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، ولا سيما تلك الموجهة لأمراض النساء مثل علاجات العقم والسرطان، فضلاً عن غياب مرافق الولادة الآمنة. 

وأدى ارتفاع الأسعار إلى جعل الرعاية الصحية بعيدة عن متناول الفئات الفقيرة، ما أسفر عن ارتفاع معدلات وفيات الأمهات، وزيادة حالات الإجهاض غير الآمن، وانتشار الأمراض المزمنة بين النساء.

سلطت منظمات نسوية الضوء على أن الأزمات الاقتصادية لا تؤثر في الأوضاع المعيشية فقط، بل تنعكس أيضاً على الحالة النفسية والاجتماعية. 

وتزايدت حالات القلق والاكتئاب بين النساء، في وقت يتنامى فيه الخطاب المحافظ الذي يعزز الأدوار التقليدية للمرأة ويحد من مشاركتها في الحياة العامة. 

وتؤكد دراسات اجتماعية أن الأزمات غالباً ما تؤدي إلى ارتفاع معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي، وهو ما يشمل العنف المنزلي والزواج القسري والمبكر.

تحديات قانونية وسياسية

واجهت النساء أيضاً عراقيل قانونية مضاعفة، إذ إن البيئة التضخمية تجعل تكاليف التقاضي باهظة، في حين يعوق الفساد الإداري وصولهن إلى العدالة. 

وتضطر كثيرات إلى التنازل عن حقوقهن في الميراث أو الطلاق أو الحضانة. وعلى المستوى السياسي، تتوقع مراكز أبحاث أن تزيد الحكومة القيود الاجتماعية للحفاظ على التماسك الداخلي، وهو ما قد يعني تشديد الرقابة على النساء. 

وفي المقابل، يمكن أن تدفع هذه الأوضاع النساء إلى قيادة حركات احتجاجية جديدة تضع قضايا المساواة والحرية في قلب المشهد السياسي.

مستقبل غامض

أجمع محللون على أن تفعيل "آلية الزناد" لا يقف عند حدود الاقتصاد الإيراني، بل يترك بصماته العميقة على المجتمع كله، وتبقى النساء في قلب هذه العاصفة. 

وإذا لم تُفعَّل آليات دولية لدعمهن، فإن الفجوة بين الجنسين ستتسع، ما يهدد بمستقبل أشد قسوة لنساء إيران. لكن في الوقت نفسه، يرى خبراء علم الاجتماع أن النساء يمكن أن يكنّ القوة الدافعة لإعادة البناء الاجتماعي في حال وُجدت بيئة تتيح لهن التعبير والمبادرة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية