بعد تصاعد التهديدات.. تعاون نيجيري أمريكي يستهدف معسكرات داعش

بعد تصاعد التهديدات.. تعاون نيجيري أمريكي يستهدف معسكرات داعش
أثار الغارات الجوية الأمريكية في نيجيريا

أعلنت الحكومة النيجيرية تنفيذ ضربات جوية استهدفت معسكرين مرتبطين بتنظيم داعش الإرهابي في غابة بوني بولاية سوكوتو شمال غرب البلاد في عملية عسكرية وُصفت بأنها دقيقة ومخطط لها مسبقاً، وأكدت السلطات أن الضربات جاءت في إطار مواجهة تهديدات أمنية متصاعدة يمثلها مقاتلون أجانب تسللوا إلى الأراضي النيجيرية قادمين من منطقة الساحل الإفريقي.

أفادت وكالة رويترز السبت أن وزارة الإعلام النيجيرية أوضحت في بيان صدر يوم الجمعة أن الضربات الجوية نُفذت بعد موافقة مباشرة من الرئيس النيجيري بولا تينوبو، وأضاف البيان أن العملية جاءت عقب جمع معلومات استخباراتية مكثفة شملت أنشطة رصد واستطلاع وتخطيط عملياتي دقيق، ما يعكس مستوى عالياً من التنسيق بين المؤسسات الأمنية والعسكرية.

دعم أمريكي مباشر

بحسب الحكومة النيجيرية، نُفذت الضربات الجوية بدعم عسكري من الولايات المتحدة وانطلقت من منصات بحرية متمركزة في خليج غينيا، ويعد هذا النوع من العمليات المشتركة نادراً نسبياً بين أبوجا وواشنطن، ما يشير إلى تطور ملحوظ في طبيعة التعاون الأمني بين البلدين في مواجهة التنظيمات المسلحة العابرة للحدود.

في السياق ذاته أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن القوات الأمريكية نفذت ضربة ضد عناصر تنظيم داعش في شمال غرب نيجيريا بناءً على طلب رسمي من الحكومة النيجيرية، وأشار إلى أن التنظيم كان يستهدف مجتمعات مسيحية في المنطقة، مؤكداً أن العملية تأتي ضمن سياسة بلاده لملاحقة التنظيمات المتطرفة أينما وُجدت.

تحييد عناصر أجنبية

أكد البيان الحكومي النيجيري أن الغارات نجحت في تحييد العناصر المستهدفة التي كانت تحاول التسلل إلى نيجيريا عبر ممر الساحل، وأشارت المعلومات الاستخباراتية إلى أن المعسكرين كانا يستخدمان من قبل مقاتلين أجانب تابعين لتنظيم داعش يعملون بالتنسيق مع عناصر محلية للتخطيط لهجمات واسعة النطاق داخل البلاد.

ترى السلطات النيجيرية أن العملية تمثل رداً مباشراً على تنامي التهديدات القادمة من منطقة الساحل التي تشهد منذ سنوات حالة من عدم الاستقرار وانتشار الجماعات المسلحة، ومع تضييق الخناق على هذه التنظيمات في بعض دول الساحل اتجهت مجموعات مسلحة إلى البحث عن مسارات جديدة للتوسع جنوباً نحو نيجيريا.

سلامة المدنيين

أفادت الحكومة النيجيرية بعدم تسجيل إصابات في صفوف المدنيين جراء الضربات الجوية، غير أن البيان أشار إلى سقوط حطام ناتج عن الغارات في بلدتين تابعتين لولايتي سوكوتو وكوارا دون أن يؤدي ذلك إلى خسائر بشرية، وأكدت السلطات أنها تتابع الأوضاع الميدانية لضمان سلامة السكان.

تُعد غابة بوني واحدة من المناطق الوعرة التي استغلتها الجماعات المسلحة خلال السنوات الماضية لإقامة معسكرات تدريب ومراكز لوجستية بعيداً عن أعين السلطات، وتكثف القوات النيجيرية عملياتها في هذه المناطق ضمن استراتيجية تهدف إلى حرمان التنظيمات المتطرفة من أي ملاذات آمنة.

تصعيد ورسائل ردع

وصف الرئيس الأمريكي العملية بأنها ناجحة للغاية وأشار إلى أن بلاده مستعدة لتنفيذ عمليات إضافية مستقبلاً إذا استدعت الضرورة، وتحمل هذه التصريحات رسائل ردع واضحة للتنظيمات المسلحة مفادها أن التعاون الدولي في ملاحقتها سيستمر وأن المساحات الآمنة لها تتقلص بشكل متزايد.

تمثل العملية الأخيرة مؤشراً على تنامي التعاون الأمني بين نيجيريا والولايات المتحدة في ظل تصاعد العنف المرتبط بالجماعات الدينية المسلحة، ويأتي هذا التعاون في وقت تشهد فيه نيجيريا تحديات أمنية متعددة تشمل تمرد جماعة بوكو حرام وتنظيم داعش في غرب إفريقيا إضافة إلى تصاعد أعمال العنف الإجرامية في بعض المناطق.

تأثير إقليمي أوسع

يرى مراقبون أن الضربات الجوية تحمل أبعاداً إقليمية تتجاوز حدود نيجيريا إذ تعكس قلقاً دولياً من انتقال عدم الاستقرار من منطقة الساحل إلى دول خليج غينيا، وتخشى دول المنطقة من أن يؤدي تزايد نشاط الجماعات المسلحة إلى تقويض الأمن الإقليمي وتهديد طرق التجارة والطاقة.

في المقابل يثير التعاون العسكري مع قوى دولية نقاشاً داخلياً حول قضايا السيادة الوطنية وحدود الدعم الخارجي، إلا أن الحكومة النيجيرية تؤكد أن مثل هذه العمليات تتم بناءً على طلب رسمي وبما يخدم المصلحة الوطنية في حماية المواطنين ومنع التنظيمات المتطرفة من ترسيخ وجودها.

تشهد نيجيريا منذ أكثر من عقد صراعاً مسلحاً مع جماعات متطرفة أبرزها بوكو حرام وتنظيم داعش في غرب إفريقيا ما أدى إلى مقتل الآلاف ونزوح ملايين السكان خاصة في شمال شرق البلاد، ومع تدهور الأوضاع الأمنية في دول الساحل مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو اتسع نطاق التهديد ليشمل شمال غرب نيجيريا حيث بدأت جماعات مسلحة في استغلال المناطق الحدودية والغابات الكثيفة بوصفها نقاط عبور وتمركز، وفي هذا السياق تسعى الحكومة النيجيرية إلى تعزيز تعاونها الأمني مع شركاء دوليين لمواجهة خطر عابر للحدود يتطلب تنسيقاً استخباراتياً وعسكرياً متقدماً في محاولة لاحتواء التهديد قبل تحوله إلى أزمة أوسع تهدد استقرار البلاد والمنطقة بأسرها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية