حماية الناجين في لاوس.. مطالب حقوقية خلال الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان
حماية الناجين في لاوس.. مطالب حقوقية خلال الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان
خلال الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان الحالية في جنيف، دعت منظمات حقوقية دولية ومحلية والأطراف المسهمة في آلية المراجعة الدورية الشاملة إلى أن تتجاوز الكلمات والإدانة وأن تتحول التوصيات الصادرة إلى خطة تنفيذية ملزمة، والمطلب المركزي هو تنفيذ توصيات مراجعة لاوس الرابعة، التي تضمنت 271 توصية، من بينها فتح تحقيقات جادة في قضايا الاختفاء القسري ووقف المضايقات ضد المدافعين عن الحقوق، وتقديم ضمانات لحماية حرية التعبير والتجمع.
وفق بيان نشرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" الجمعة تلقت لاوس خلال جلسة المراجعة الدولية في 29 أبريل الماضي 271 توصية من دول أعضاء ركزت معظمها على حماية مدافعي حقوق الإنسان، والتحقيق في حالات الاختفاء القسري، وضمان الحريات الأساسية، إضافة إلى المطالبة بتجسيد هذه التوصيات في تشريعات وإجراءات تنفيذية ملموسة، وهذه التوصيات ليست جديدة، بل هي تكرار لتركيز دولي متزايد على نقاط ضعف بنيوية في سجل حقوق الإنسان بالبلاد، ما يعيد النقاش إلى صلب عمل مجلس حقوق الإنسان.. كيف يتم تحويل توصيات المراجعة إلى إجراءات قابلة للقياس؟
جذور وأسباب التدهور الحقوقي
تعود محدودية الحيز المدني في لاوس إلى النظام السياسي أحادي الحزب الذي يقيِّد المساحة العامة للتعبير والتنظيم، إضافة إلى تراكم تشريعات أمنية واسعة الصياغة تتيح القمع الإداري والجنائي للنشاط المدني، ورصدت منظمات رقابية حالات اعتقال تعسفي، واحتجاز في غياب محاكمات عادلة، وتبعات على الناشطين المحليين وحتى المهاجرين أو العمال الأجانب المرتبطين بقضايا حقوقية أو عمالية، هذه المشكلات الهيكلية تُغذّي مناخ الإفلات من العقاب الذي يفسّر استمرار الانتهاكات.
قضية اختفاء سومباث سومفون ومطالبة المجتمع المدني الدولي بكشف مصيره ظلّت رمزاً لغياب المحاسبة في لاوس منذ أكثر من عقد، ومثلها حالات أخرى لم تُحلّ بعد، ما دفع منظمات حقوقية لمطالبة لاوس بالتصديق على اتفاقية منع الاختفاء القسري وإظهار تعاون حقيقي مع آليات الأمم المتحدة ذات الصلة، وعدم التقدم في هذه القضايا يزيد من فقدان الثقة في الوعود الحكومية ويعكس حاجة ملحة لإجراءات رصد وتحقيقات مستقلة وشفافة.
تقارير المجتمع المدني
هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية ومنظمات إقليمية مثل "FIDH" قدمت روايات موثّقة عن قمع متواصل لنشطاء حقوق الإنسان في لاوس، وقيود على حرية التجمع، وقيود على منظمات المجتمع المدني المحلية في المشاركة الفعالة في آليات المراجعة، إضافة إلى تقارير الولايات المتحدة التي سجلت مزاعم عن اعتقالات تعسفية وتعذيب في بعض الحالات، وهذه التقارير اتفقت على أن لاوس لم تُحسن تنفيذ توصيات سابقة بصورة جوهرية، ما يجعل توصيات المراجعة لعام 2025 اختباراً حقيقياً لإرادة الحكومة نحو الإصلاح.
حين لا تُنفَّذ توصيات الحماية، فإن ثمن التأخر يدفعه أفراد ومجتمعات بأكملها من خلال أسر تفقد ذويها بلا توضيح، ومنظمات محلية تضطر للعمل تحت تهديد مستمر، وصحفيين ومدافعين عن حقوق الأرض والبيئة يتعرضون للتضييق، والتأثير النفسي والاجتماعي طويل الأمد يقلل من قدرة المجتمع على المطالبة بحقوقه ويضاعف هشاشة الفئات المهمشة، والتدخل الدولي الرسمي في شكل دعم فني وقضائي يمكن أن يخفف من المعاناة إذا رافقه التزام حكومي واضح بتطبيق التوصيات.
ردود الفعل خلال الدورة الستين
المنظمات الحقوقية دعت مجلس حقوق الإنسان إلى تحقيق تحول عملي من خلال تحويل توصيات المراجعة الدورية إلى جدول تنفيذ واضح، مراقب، ومقوّم، كما طالبت بضمانات لحرية مشاركة منظمات المجتمع المدني والناجين في تصميم آليات المتابعة، مع دعوات صريحة لطلب تقارير متابعة نصف سنوية وإشراك آليات الأمم المتحدة المعنية في عمليات التحقق.
بموجب المعاهدات الدولية الأساسية التي انضمّت إليها لاوس، تقع على الدولة التزامات لحماية الحقوق المدنية والسياسية، وضمان محاكمات عادلة، ومنع التعذيب والاختفاء القسري، ورغم أن لاوس وقّعت على اتفاقية منع الاختفاء القسري، فإن الدعوات تركز الآن على استكمال إجراءات التصديق وتفعيل آليات الشكاوى والتحقيق، إلى جانب التعاون مع مقرّرين خاصين وخبراء الأمم المتحدة للسماح بفحص مستقل لحالات الانتهاك.
خطوات عملية مقترحة
وتمنت التوصيات الحقوقية مطالبة لاوس بإعداد جدول زمني واضح لتنفيذ توصيات المراجعة الدورية مع مؤشرات قابلة للقياس وإشراك منظمات المجتمع المدني في تقييم التنفيذ، وكذلك دعوة لاوس للتصديق الفوري على اتفاقية منع الاختفاء القسري وتفعيل آليات الأمم المتحدة ذات الصلة، بجانب طلب نشر بعثة تقصي حقائق أو منح صلاحية لمقرّرين خاصين لزيارة البلاد والتحقيق في حالات الاختفاء والقمع، إضافة إلى دعم تقني وقضائي لتعزيز استقلالية القضاء، وحماية المدافعين، وبناء قدرات المنظمات المحلية على التوثيق والمناصرة، وهذه الخطوات تُمثّل ترجمة عملية للتوصيات إلى حماية فعلية للضحايا.
الدورة الستون لمجلس حقوق الإنسان تضع أمام المجتمع الدولي فرصة لقياس جدّية الالتزام بآلية المراجعة الدورية، فتنفيذ التوصيات المتعلقة بالاختفاء القسري وحماية المدافعين والحرية المدنية لن يعيد ما فُقد، لكنه سيضع الخطوات الأولى نحو عدالة حقيقية ومجتمع أكثر أماناً واستقراراً في لاوس، وقدمت المؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية خارطة طريق واضحة؛ الآن يقع الالتزام على الدول الأعضاء ومجلس حقوق الإنسان لتحويل هذه الخارطة إلى واقع ملموس يعيد الحقوق والكرامة لمن فقدها.