للحد من الهجرة.. خطة لإطلاق هوية رقمية تثير الجدل في بريطانيا

للحد من الهجرة.. خطة لإطلاق هوية رقمية تثير الجدل في بريطانيا
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر

أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، عن خطة حكومية لإطلاق بطاقة هوية رقمية إلزامية قابلة للتطبيق بحلول عام 2029، تُخزَّن على الهواتف المحمولة عبر تطبيق حكومي. 

وأكدت الحكومة أنّ الهدف من المشروع هو تضييق الخناق على العمالة غير النظامية والحد من الهجرة غير القانونية، لكن الإعلان فجّر جدلاً داخلياً واسعاً أعاد إلى الأذهان إخفاق مشروع مشابه في عهد حكومة طوني بلير قبل عقدين.

وأوضحت الحكومة البريطانية في بيان رسمي، الاثنين، أنّ البطاقة ستصبح شرطاً أساسياً للتوظيف بحلول نهاية الدورة البرلمانية في يوليو 2029، على أن تُستخدم لاحقاً للوصول إلى خدمات الرعاية الاجتماعية ورعاية الأطفال والسجلات الضريبية. 

ورأت السلطات أنّ النظام الجديد سيجعل من الصعب على المهاجرين غير النظاميين إيجاد فرص عمل. 

لكن منظمات حقوقية مثل "مراقبة الأخ الأكبر" حذّرت من أنّ الخطة تهدد الخصوصية الفردية وتجعل البيانات الشخصية عرضة للاختراق، معتبرة أنها قد تفتح الباب أمام مراقبة واسعة للمواطنين.

تصاعد المعارضة الشعبية

أطلق الناشط ماكسيم ساتكليف في يونيو الماضي عريضة بعنوان: "لا لإدخال بطاقات الهوية الرقمية"، ورغم أنها جمعت حتى الخميس 288 ألف توقيع فقط، فإن الإعلان الرسمي للحكومة أشعل الغضب الشعبي ورفع عدد التواقيع بشكل قياسي إلى مليون توقيع مساء الجمعة. 

وشدد القائمون على العريضة على أنّه "ينبغي ألا يُجبَر أحد على التسجيل في نظام هوية تديره الدولة"، مذكرين بأن إلغاء بطاقات الهوية في 2010 جاء "لأسباب وجيهة" تتعلق بالحريات الفردية.

وأثار المشروع خلافات سياسية عميقة حتى داخل حزب العمال الحاكم، حيث رفض نواب بارزون مثل إيان بيرن وريتشارد بورغون الفكرة، في حين وصف الزعيم السابق للحزب جيريمي كوربين الخطة بأنها "إهانة صريحة للحريات المدنية". 

وفي أيرلندا الشمالية، اعتبرت الوزيرة الأولى ميشيل أونيل المشروع "سخيفاً وغير مدروس"، مؤكدة أنه يمس باتفاقية الجمعة العظيمة للسلام، كما أكدت الحكومة الأسكتلندية رفضها القاطع لأي بطاقة هوية إلزامية، ورأت أنّها تتعارض مع خصوصية المواطنين.

الهجرة والضغوط الشعبية

تزامنت هذه الخطة مع ضغوط متزايدة على حكومة حزب العمال بسبب أزمة الهجرة غير النظامية، فقد أظهرت بيانات وزارة الداخلية البريطانية أنّ نحو 49 ألف شخص دخلوا المملكة المتحدة بطرق غير قانونية خلال السنة المنتهية في يونيو 2025، بينهم 43 ألفاً عبر "القوارب الصغيرة" من فرنسا، بزيادة تقارب 38% عن العام السابق. 

ومنذ بداية العام الجاري 2025 فقط، وصل أكثر من 32 ألف شخص إلى السواحل البريطانية، وهو رقم قياسي غير مسبوق.

وأعادت الخطة إلى الأذهان محاولة رئيس الوزراء الأسبق طوني بلير في 2004 لإدخال بطاقات هوية بيومترية لمكافحة الإرهاب والاحتيال، لكن خليفته غوردون براون تراجع عنها تحت ضغط المعارضة الشعبية والسياسية. 

ومنذ إلغاء بطاقات الهوية بعد الحرب العالمية الثانية، اعتمد المواطنون البريطانيون على جوازات السفر ورخص القيادة فقط لإثبات هويتهم. 

ويرى محللون أنّ إعادة طرح هذا المشروع تعكس حجم القلق الحكومي من أزمة الهجرة، لكنها تضع الحكومة في مواجهة مفتوحة مع الرأي العام ومع الأقاليم البريطانية التي ترفض المساس بالحريات المدنية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية