لضمان العدالة الاجتماعية.. مطالبات مغربية بمساواة حقيقية بين الجنسين
لضمان العدالة الاجتماعية.. مطالبات مغربية بمساواة حقيقية بين الجنسين
تتصدر قضية المساواة والمناصفة بين الجنسين المشهد السياسي والاجتماعي في المغرب، باعتبارها أحد أبرز التحديات أمام استكمال البناء الديمقراطي وتحقيق التنمية المستدامة.
وأكدت الناشطة الحقوقية المغربية، إيمان غانمي، أن المساواة ليست مطلباً نخبوياً أو فئوياً، بل "ضرورة وطنية لضمان العدالة الاجتماعية ومشاركة النساء الفعلية في صناعة القرار"، مشددة على أن هذه القضية تمس جوهر المشروع المجتمعي المغربي، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الأربعاء.
واستعرضت غانمي المسار التاريخي للمرأة المغربية، مؤكدة أن نضالها لم يكن معزولاً عن تحولات الوطن منذ الاستقلال، فقد برزت النساء في الكفاح الوطني ضد الاستعمار فاعلات أساسيات في المقاومة والعمل المسلح وشبكات الإمداد، ما أسس لوعي جديد بدور المرأة في الدفاع عن الحرية والكرامة.
لكن مرحلة ما بعد الاستقلال لم تمنح النساء المكانة المستحقة، إذ ظلت البنية الاجتماعية والسياسية محافظة.
غير أن نضالات الحركة النسائية أفضت إلى إصلاحات جوهرية، أبرزها إصلاح مدونة الأحوال الشخصية عام 1993، ثم صدور مدونة الأسرة سنة 2004 التي اعتُبرت ثورة هادئة، إذ رسخت نسبياً مبدأ المساواة داخل الأسرة ورفعت سن الزواج وقيدت التعدد ومنحت النساء حقوقاً أوسع.
أما دستور 2011 فقد شكل محطة فارقة حين نص صراحة على مبدأ المساواة والمناصفة وإنشاء هيئة دستورية لمكافحة التمييز، ما فتح المجال لزيادة تمثيلية النساء في البرلمان والجماعات الترابية عبر آليات التمييز الإيجابي، باعتبارها مرحلة انتقالية نحو المناصفة الفعلية.
من النصوص إلى الممارسة
ترى غانمي أن المكاسب الدستورية والتشريعية، رغم أهميتها، ما تزال بعيدة عن تحويل المساواة إلى ممارسة فعلية في حياة النساء المغربيات.
وأكدت أن الأولوية اليوم تتمثل في إقرار قانون إطار للمناصفة، يلزم الحكومة والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص بتنفيذ سياسات واضحة في مجال التمثيل السياسي والإداري، وضمان المساواة في الأجور وفرص العمل، ودمج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات والميزانيات العمومية.
وشددت على ضرورة تفعيل هيئة المناصفة ومكافحة التمييز، باعتبارها مؤسسة مستقلة ذات صلاحيات واسعة في تلقي الشكاوى، ورصد الانتهاكات، وتقديم الاستشارات التشريعية، وإعداد تقارير دورية تقيم مدى احترام المغرب لالتزاماته الدستورية والدولية.
تحديات سياسية واجتماعية
أشارت غانمي إلى أن النساء المغربيات ما زلن يواجهن جملة من التحديات، من أبرزها ضعف تمثيليتهن في مواقع القرار، وفجوة الأجور وفرص العمل مقارنة بالرجال، وهشاشة أوضاع العاملات خاصة في القطاع غير المهيكل، وصعوبة ولوج المقاولات النسائية إلى التمويل والموارد، كما تظل الصور النمطية الثقافية والاجتماعية معوقاً كبيراً أمام طموحات النساء.
ورأت أن مواجهة هذه التحديات لا تتحقق فقط بالنصوص القانونية، بل تحتاج إلى إرادة سياسية قوية وسياسات عمومية مندمجة، إلى جانب تغيير ثقافي وتربوي وإعلامي شامل يرسخ قيم المساواة في الوعي الجماعي.
واختتمت الناشطة الحقوقية حديثها بالتأكيد أن المرحلة المقبلة يجب أن تكون "مرحلة حسم"، عبر تحويل النصوص الدستورية إلى واقع ملموس في حياة المغربيات، وجعل المساواة والمناصفة ركناً ثابتاً في السياسات العمومية.
وقالت: "المرأة المغربية اليوم لم تعد تنتظر أن يُفتح لها الباب، بل تقتحمه بكفاءتها وقدرتها على المبادرة، لتؤكد أنها شريك كامل الحقوق في بناء الوطن".