بلا خبز ولا دواء.. جنى طفلة فلسطينية تفارق الحياة وتلحق بشقيقتها جراء الجوع والحصار
بلا خبز ولا دواء.. جنى طفلة فلسطينية تفارق الحياة وتلحق بشقيقتها جراء الجوع والحصار
"العالم تخلى عن جنى مرات عدة".. بهذه الكلمات المؤلمة وصفت تيس إنغرام، المتحدثة باسم منظمة اليونيسف، الأربعاء، اللحظات الأخيرة في حياة طفلة فلسطينية لم يتجاوز عمرها تسع سنوات، فارقت الحياة في قطاع غزة بعد صراع طويل مع سوء التغذية.
جنى لم تكن مجرد رقم في سجلات الحرب، كانت طفلة صغيرة تبحث عن فرصة للحياة، قابلتها إنغرام قبل عام وهي تتلقى العلاج من سوء التغذية. تحسنت حالتها قليلاً، لكنها عادت لتنهار من جديد في ظل استمرار القيود المفروضة على دخول الغذاء والدواء إلى قطاع غزة، لتفارق الحياة في السابع عشر من سبتمبر، محملة بوزر قرارات سياسية جردتها من حقها الطبيعي في الطفولة وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
ذكريات أخيرة مع جنى
تتذكر إنغرام كيف ساعدت الطفلة على الصعود إلى سيارة الإسعاف: "أمسكت بيدها الهزيلة.. كانت عيناها تبحثان عن الأمل".
لكن الأمل سرعان ما تلاشى. فعندما عادت جنى مع والدتها إلى شمال غزة أثناء فترة وقف إطلاق النار مطلع العام، لم تجد هناك سوى الجوع والحصار.
في العشرين من أغسطس، فقدت شقيقتها الصغرى جوري، البالغة عامين فقط، بسبب سوء التغذية أيضاً ومع رحيل جوري، باتت أيام جنى معدودة، إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة في مستشفى غزة المنهك الذي عجز عن تقديم الرعاية اللازمة.
الإجلاء الطبي الأمل الذي لم يأتِ
تقول إنغرام إن "الفرصة الوحيدة لنجاة جنى كانت الإجلاء الطبي إلى خارج قطاع غزة، لكن هذا لم يحدث، لم تتقدم أي دولة لإنقاذها".
موتهما معاً -جوري وجنى- يلخص مأساة آلاف الأطفال المحاصرين بين الجوع والحرمان وغياب أي أفق للنجاة.
أرقام صادمة ومعاناة مستمرة
بحسب وزارة الصحة في غزة، فقد 151 طفلاً حياتهم بسبب سوء التغذية الحاد منذ بداية الحرب، معظمهم خلال العام الجاري. وفي كل يوم، يُقتل نحو 100 شخص في المتوسط، إما بسبب الغارات والرصاص أو الجوع ونقص الرعاية الصحية، وفق ما أكده فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأونروا.
لازاريني وصف هذا الواقع المأساوي قائلاً: "عندما تبدأ الجرائم في التراكم تصبح غير مرئية، وعندما تصبح المعاناة لا تُحتمل، لا تعود الصرخات تُسمع".
دعوة عاجلة لوقف الكارثة
المفوض العام للأونروا شدد على أن المأساة يجب ألا تُطبع كأمر واقع، مؤكداً ضرورة توثيق الجرائم والإنصات إلى أصوات الضحايا، وجدد دعوته لوقف فوري لإطلاق النار وضمان المساءلة من أجل العدالة.
اندلعت الحرب الأخيرة في غزة في أكتوبر 2023 بعد هجوم واسع نفذته حركة حماس داخل إسرائيل، أسفر عن مقتل وإصابة مئات الأشخاص وأسر آخرين، وردّت إسرائيل بعملية عسكرية شاملة على القطاع، شملت قصفاً جوياً وبرياً وبحرياً، أسفر عن استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين، غالبيتهم من النساء والأطفال، وتدمير واسع للبنية التحتية.
فرضت إسرائيل حصاراً خانقاً على غزة شمل تقييد دخول الغذاء والدواء والوقود، ما أدى إلى انهيار النظام الصحي وتفشي الجوع وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال، وقدرت منظمات إنسانية أن أكثر من 80% من سكان القطاع باتوا على حافة المجاعة، في حين نزح مئات الآلاف من منازلهم.
ورغم النداءات المتكررة من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة لوقف إطلاق النار وضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وكامل، لا يزال المدنيون في غزة يدفعون الثمن الأكبر في حرب مستمرة بلا أفق واضح للحل.