مع تواصل المظاهرات.. حركة "جيل زد" المغربية تؤكد تمسكها بالسلمية
مع تواصل المظاهرات.. حركة "جيل زد" المغربية تؤكد تمسكها بالسلمية
تواصلت الاحتجاجات الشبابية في المغرب في مدن عدة، مؤكدة عودتها إلى الطابع السلمي بعد ليلة شهدت بعض أعمال العنف في مناطق متفرقة، وتميز اليوم السادس من الحراك، الذي تقوده فئة جيل "Z 212"، برفع مطالب تتعلق بتحسين الخدمات الأساسية وعلى رأسها الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية.
وأوضحت صحيفة "هيسبريس" المغربية، اليوم الجمعة، أن المئات من الشبان والشابات احتشدوا في ساحة الماريشال بمدينة الدار البيضاء، حيث رددوا شعارات تؤكد سلمية تحركاتهم وتدعو إلى إصلاح المنظومة الصحية.
وشهد حي أكدال في العاصمة الرباط تجمعات شبابية مماثلة، فيما امتدت التحركات إلى مدن أخرى مثل المحمدية وتطوان وأكادير وطنجة، حيث ندد المحتجون بتردي الخدمات الصحية وغياب العدالة الاجتماعية.
النساء في قلب الحراك
برز حضور نسائي لافت خلال هذه الوقفات، إذ رفعت شابات شعارات تطالب بالحق في الصحة والتعليم والعمل.
ويعكس هذا الحضور المتزايد، وفق ناشطين، اتساع رقعة الحراك ليشمل مختلف الفئات الاجتماعية، ويؤكد أن النساء، وخاصة الشابات، أصبحن جزءاً أساسياً من المشهد الاحتجاجي في المغرب.
ويُظهر الحراك، الذي انطلق يوم السبت 27 سبتمبر، أن المطالب الاجتماعية لم تعد حبيسة الفئات المهمشة فقط، بل باتت شأناً وطنياً عاماً.
خلفية احتجاجية ممتدة
جاءت هذه التحركات في سياق طويل من الاحتجاجات الشبابية التي عرفها المغرب خلال العقدين الماضيين.
ففي عام 2011، خرجت حركة 20 فبراير ضمن موجة "الربيع العربي" مطالبة بإصلاحات سياسية واجتماعية، غير أن تلك الاحتجاجات بقيت في إطار سلمي ولم تنزلق إلى أعمال عنف كبرى.
وشهدت مناطق مغربية عدة في السنوات الأخيرة احتجاجات اجتماعية مرتبطة بالفقر والبطالة وقطاعي الصحة والتعليم، غير أن ما يميز الحراك الحالي هو شموليته الجغرافية واعتماده على شبكات التواصل الاجتماعي لتنسيق التحركات بسرعة وفعالية.
تحديات أمام الحكومة
وضعت هذه التطورات السلطات المغربية أمام تحديات كبيرة تتمثل في كيفية التعامل مع حركة احتجاجية جديدة تتسم بالسلمية والانفتاح الرقمي، لكنها غير مؤطرة حزبياً أو نقابياً، ما يجعل مسارها غير متوقع.
ويؤكد محللون أن عودة الطابع السلمي للاحتجاجات مساء الخميس قد تشكل فرصة لفتح باب الحوار، كما تعكس وعياً متزايداً لدى الشباب بأهمية تجنب العنف حفاظاً على المصداقية وكسب التعاطف الشعبي والدولي.
واعترف الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية في تصريحات حديثة بوجود قصور في المنظومة الصحية، مؤكداً انفتاح الحكومة على الحوار مع الشباب المحتجين.
وشدد على أن السلطات لا ترغب في تصعيد الموقف، وأنها بصدد إعادة النظر في الأولويات الحكومية بما يضمن تحسين الخدمات الأساسية للمواطنين. ويُنظر إلى هذا الموقف الرسمي على أنه محاولة لامتصاص الغضب الشعبي وتخفيف حدة التوتر.
سيناريوهات مستقبلية
يظل مستقبل حراك جيل "Z 212" مفتوحاً على عدة سيناريوهات، فإما أن ينجح في فرض أجندته الاجتماعية السلمية عبر الضغط الميداني والإعلامي، أو أن يتراجع بفعل الضغوط الأمنية والاعتقالات المحتملة.
ومع ذلك، أثبت هذا الجيل، المولود في قلب الثورة الرقمية، أنه قادر على التعبئة السريعة وإيصال صوته إلى النقاش الوطني، مما يجعله رقماً أساسياً في أي عملية إصلاح سياسي واجتماعي مقبلة.