وسط رقابة مشددة.. قيود طالبان تطغى على معرض نسوي في كابول
وسط رقابة مشددة.. قيود طالبان تطغى على معرض نسوي في كابول
أقيم في العاصمة الأفغانية كابول، خلال الفترة من 2 إلى 5 أكتوبر الجاري، معرض للحرف اليدوية والمنتجات الزراعية في منطقة بادام باغ، استمر أربعة أيام وضم نحو 50 جناحاً نسوياً، في فعالية كان يفترض أن تسلط الضوء على مهارات النساء الأفغانيات وتوفر لهن فرصة لتسويق منتجاتهن التقليدية.
ورغم أن الهدف المعلن من تنظيم المعرض تمثل في دعم التجار والحرفيين وتعزيز الإنتاج المحلي، فإن أجواء الفعالية كشفت عن واقع مختلف تماماً، حيث تحوّل المعرض إلى ساحة رقابة مشددة وهيمنة فكرية من قبل وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابعة لحركة طالبان، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الثلاثاء.
وانتشرت عناصر الوزارة في أرجاء المعرض لتوجيه تحذيرات صارمة للزوار بضرورة الالتزام بالحجاب الكامل، كما حظرت جميع أنواع التصوير داخل القاعات، بما في ذلك الصور التذكارية أو التغطية الإعلامية.
وسادت أجواء من التوتر والارتباك بين العارضات والزائرات، خاصة بعدما مُنعت النساء من حضور حفل الافتتاح الرسمي الذي شهد مشاركة عدد من كبار مسؤولي طالبان، والذين عادوا لاحقاً لحضور حفل الختام دون أي مشاركة نسائية.
إقصاء إعلامي ومراقبة
اقتصر الحضور الإعلامي في المعرض على الصحفيين المسجلين لدى وزارة الإعلام والثقافة والذين يحملون بطاقات رسمية صادرة عن طالبان، بينما مُنع باقي الصحفيين المستقلين من التغطية أو التصوير.
وأكدت مصادر من داخل المعرض أن التعليمات كانت واضحة: "لا يُسمح بأي مقابلات أو تصريحات خارج ما تحدده اللجنة المنظمة"، ما جعل معظم البائعات عاجزات عن التعبير عن آرائهن بحرية.
وشهدت الأيام الأربعة للمعرض إقبالاً ضعيفاً ومبيعات محدودة، الأمر الذي انعكس سلباً على المشاركات اللاتي كنّ يأملن بتحقيق بعض الأرباح لتعويض تكاليف المشاركة.
وأوضحت العديد من البائعات أنهن اضطررن في اليوم الأخير إلى عرض منتجاتهن في مزاد علني بأسعار منخفضة للغاية دون أن ينجحن في تغطية نفقات الأكشاك أو نقل البضائع.
وقالت نجينه فاضل، وهي بائعة من ولاية هرات عرضت ملابس تقليدية بالتعاون مع مجموعة من النساء: “أنا وثمانٍ من زميلاتي نعمل ليلاً ونهاراً لنسهم في إعالة أسرنا، لكننا نواجه قيوداً متزايدة تعرقل كل خطوة نخطوها نحو العمل الشريف”.
تمويل مشروط ومصالح
من جهتها، كشفت نورية ولي، وهي بائعة من ولاية مزار الشريف، عن خلفية مالية لما يبدو دعماً نسوياً، قائلة: "السماح بمشاركتنا لا يرتبط بتمكين النساء، بل بالتمويل الدولي.
وتتلقى طالبان مبالغ ضخمة من الأمم المتحدة مقابل استئجار أكشاكنا، وهذه المعارض تُقام أكثر لأسباب اقتصادية ودعائية من كونها مبادرات لدعم المرأة".
وتحولت المعارض النسوية في أفغانستان، والتي تُقام تحت شعارات "تمكين المرأة" و"دعم المشاريع الصغيرة"، إلى منصات دعائية لحركة طالبان ومصدر دخل جديد للحكومة، حيث تُستخدم النساء كواجهة لتلقي التمويل الدولي دون تغيير حقيقي في واقعهن اليومي.
وتعمل المشاركات في بيئة يسودها الخوف والتهميش والتمييز، إذ لم يعد حضور المرأة الأفغانية في هذه الفعاليات يعكس استقلالها أو قدرتها على الإنتاج، بل أصبح رمزاً للاستغلال السياسي والمالي الذي تمارسه السلطات على حساب معاناتها.